17 سبتمبر 2025
تسجيلتتميز موازنة 2016 بتضمينها جملة إصلاحات اقتصادية بخصوص استخدام المرافق والخدمات العامة. فقد تم اعتماد الموازنة الجديدة بنفقات وإيرادات قدرها 224 مليار دولار و137 مليار دولار على التوالي وافتراض عجز قدره 87 مليار دولار. يعد الدخل المقدر لعام 2016 الأقل منذ 2009 ومرد ذلك هبوط أسعار النفط. يتباين حجم المخصصات المقدرة لعام 2016 مع النفقات الفعلية وليس بالضرورة المقدرة لعام 2015. تقليديا، يتم صرف مبلغ أعلى من المقدر، وبات هذا الأمر واضحا في 2015 على خلفية منح علاوات خاصة للمواطنين فضلا عن الحاجة لتمويل حرب اليمن. يشار إلى أنه قد تم إعداد موازنة السنة المالية 2015 بنفقات قدرها 230 مليار دولار مقابل إيرادات بنحو 191 مليار دولار وعجز قدره 39 مليار دولار. لكن تغيرت الأرقام إلى نفقات وإيرادات في حدود 260 مليار دولار و 162 مليار دولار على التوالي ما يعني تسجيل عجز تاريخي مقداره 98 مليار دولار. بتفصيل أكثر، يقل دخل الخزانة لعام 2015 بنحو 15 بالمائة عن المتوقع فضلا عن 42 بالمائة مقارنة مع إيرادات 2014.. ويترشح حصول انخفاض بمقدار 45 دولارا لبرميل النفط ما بين موازنتي 2015 و 2014 ما يعني تراجعا نوعيا.بالعودة للوراء، تم تسجيل فائض تاريخي حجمه 103 مليارات دولار في عام 2012 منخفضا إلى 53 مليار دولار في 2013 ومن ثم متحولا إلى عجز مقداره 14 مليار دولار في 2014 وهو الأول من نوعه في غضون 7 سنوات.تمثل النفقات المقدرة لعام 2016 أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي والذي بدوره تراجع إلى 653 مليار دولار على خلفية هبوط أسعار النفط. تلعب مصروفات القطاع العام دورا محوريا في الشأن الاقتصادي المحلي.وفيما يخص توزيع النفقات، يلاحظ تخصيص ربع الموازنة لأغراض الدفاع والأمن الأمر الذي يعكس توجهات وألويات المملكة لمواجهة حالة عدم الاستقرار والتطرف في المنطقة. من جملة الأمور المبدعة، تم تخصيص صندوق خاص بقيمة 49 مليار دولار لدعم الموازنة لمعالجة الحالات الطارئة.. كما يوجد ميل لدى المسئولين باللجوء لخيار إصدار سندات لتمويل جانب من العجز وبالتالي تحاشي مزاحمة ومنافسة القطاع الخاص للحصول على تمويل من المؤسسات المالية المحلية، ما يعد أمرا مقدرا. الإبداع الآخر عبارة عن تشكيل إدارة للدين العام عبر الشراكة مع صندوق النقد الدولي. اللافت غياب معضلة الدين العام في السعودية بعد نجاح السلطات في تخفيض المستوى من 82 في المائة إلى 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ما بين العامين 2003 و 2014 عبر الاستفادة من الفوائض المالية. وتبين بأن القطاع النفطي ساهم 73 بالمائة من إيرادات الخزانة في 2015 متراجعا بنحو 23 بالمائة بالنظر لاستمرار انخفاض أسعار النفط. ويترجم هذا إلى تشكيل القطاعات غير النفطية 37 بالمائة من دخل الخزانة انعكاسا لسياسة كفاءة الإيرادات مثل تعزيز إجراءات تحصيل الرسوم والمتأخرات عبر توظيف التقنية.تشمل التغييرات الاقتصادية الجديدة رفع تعرفة الكهرباء والماء وأسعار المشتقات النفطية بهدف تعزيز الإيرادات غير النفطية. كما توجد نية لفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمائة ولكن في غضون سنتين لإفساح المجال للتكيف.ختاما، يتجلى واضحا من موازنة السنة المالية 2016 بأن المملكة مقبلة على جملة إصلاحات وسياسات اقتصادية جديدة في إطار التكيف الهيكلي مع ظاهرة انخفاض أسعار النفط وبقائها منخفضة. وليس من المستغرب تبني دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي جانبا من السياسات الاقتصادية الجديدة للمملكة.