15 سبتمبر 2025
تسجيللقد قرأنا وسمعنا الكثير من قصص الأخطاء والعقوبات التي تقع بين الطلبة والمعلمين، والتي تذكرنا بالصراع القديم المتجدد بين القط والفأر (توم وجيري)...وما دعاني لطرح هذا الأمر اليوم، هو مانشر بالأمس حيث قامت اختصاصية بإحدى المدارس الابتدائية بإجبار تلميذة في الصف السادس الابتدائي بخلع حذائها والسير طول اليوم الدراسي داخل المدرسة بدون حذاء عقاباً لها على ارتداء لون حذاء مخالف للون أحذية المدرسة على حد تعبير المدرسة، التي عاقبت التلميذة وسط زميلاتها حتى أصيبت الطفلة بحالة نفسية سيئة بسبب التصرف الغريب الذي اتبعته الاختصاصية. وبالطبع فقد أثار الموضوع استياء الكثيرين مع تعارض وجهات النظر كالمعتاد، فالبعض يؤكد ويشدد على أهمية طاعة المعلم والالتزام بالضوابط والقوانين، وتعاليم المدرسة، والبعض الآخر يصرخ بأعلى صوته بأن الطلبة وخاصة الصغار منهم غالباً لايكون لهم يد في مثل هذه الأمور، فقد لايستطيعون الالتزام مثلاً بتفاصيل الزي أو التقيد بتعاليم المدرسة كاملة، لذا فمن غير العادل أن تتم معاقبتهم على التقصير هذا، وبالذات إسقاط العقوبة المعنوية أو الجسدية عليهم، لأن من شأن هذا التصرف أن يرسي الآثار السلبية في نفسيات الأطفال ويلقي بظلاله على شخصياتهم وتصرفاتهم وتعاطيهم مع مجتمعهم عامة ومع المؤسسات التعليمية التي يتلقون فيها تعليمهم بشكل خاص. لاأحد منا ينكر ضرورة التقيد بالقوانين وتعليم الطلبة النظام والالتزام الإيجابي، والذي يبني دعائم في سلوكياتهم وشخصياتهم ويبقى ملازماً لهم في مراحل حياتهم المتقدمة، ولكن بالمقابل لابد من أن يكون الكادر التعليمي مختاراً بشكل صحيح، أي أن المسؤولية تتشكل من البداية في اختيار الكادر التعليمي الذي سيكون مسؤولاً عن إعداد الأجيال وتنشأتهم، وحين تصدر منهم المخالفات أو الأخطاء يكون المعلم قادراً على التوجيه والتشديد ومن ثم العقوبة بشكل صحيح وصحي، وبالطريقة والقدر الذي يلائم الموقف، وبهدف التقويم والتربية والتوجيه، والذي من شأنه أن يعيد الطالب للمسار الصحيح ودون أن يسبب له الألم الجسدي أو النفسي..وأشدد هنا على أنه ليس من حق المعلم أن يعاقب الطفل عقاباً جسدياً، فهذا مخالف لكل القوانين، والعقاب المعنوي لابد أن يكون بالطرق القويمة التي لاتترك ظلالها القاتمة على مستقبل الطالب، وتؤدي بالتالي لنتائج عكسية وتترك ندوباً قد لاتداويها السنوات الطوال. ومضة: قصة شهدتها بنفسي (كان أحمد طفلاً ذكياً جداً وسريع الحفظ، فوضعه والده في مدرسة لتحفيظ القرآن، ولكن معلمه هناك في أحد الأيام حين تلعثم الطفل في آية من إحدى السور أخرج مسطرته الكبيرة وبدأ بضربه بشدة، فخرج الطفل باكياً ومتألماً ذلك اليوم، ورفض الرجوع لتلك المدرسة..وكانت تلك آخر مرة يحاول فيها أن يحفظ من كتاب الله، فقد كبر وأصبح رجلاً، وطوال تلك السنوات لم يفكر بمعاودة الرجوع خوفاً من تكرار ماحدث معه ذلك اليوم..). فليتقِ الله كل معلم في تلاميذه، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.