18 سبتمبر 2025
تسجيلظاهرة المباني المهجورة أضحت من الظواهر المقلقة لكثير من المواطنين والمقيمين خاصة الساكنين في المناطق القديمة، وانتشرت في الآونة الأخيرة حتى انتقلت الظاهرة من البيوت القديمة في الأحياء القديمة إلى بعض الأحياء الحديثة مثل الهلال ونعيجة وأبو هامور والمعمورة والغرافة ومعيذر وغيرها، بل امتدت الظاهرة لتشمل العمارات الشاهقة الخالية والفلل السكنية، وهو ما يزيد من قلق الناس، وأصبح لا يخلو شارع من الأحياء القديمة إلا وفيه عدد من البيوت والفلل والعمارات المهجورة، والكثير من المؤسسات بالدولة والصحف اليومية تحدثت عن هذه الظاهرة، ولكن لم تجد الجهات المعنية لها حلاً نهائياً رغم تشكيل لجنة الصيانة والهدم من قبل وزارة البلدية وإدارة نزع الملكية، ولكن الظاهرة أصبحت في الانتشار وتعذر الحد من انتشارها. أضرار المباني المهجورة يعتبر تشويه المنظر العام للشوارع من أكبر الأضرار التي تنتج عن هذه الظاهرة، إذ لا يعقل أن نسعى أن تكون دولتنا من الدول الحديثة والمتطورة ويتخلل مبانيها هذا المنظر من البيوت الخربة المهجورة، خاصة أننا مقدمون على تنظيم فعاليات كبيرة على رأسها المونديال 2022م، وبطولة الألعاب الآسيوية وغيرها من الأنشطة التي تستوعب عدداً كبيراً من الزوار لبلدنا الحبيبة، وكذلك الإضرار بالأمن العام، وسلامة وصحة القاطنين بالقرب من هذه المباني، حيث تشجع هذه الأماكن الخالية مرتكبي الجرائم والهاربين الاختباء فيها، وتتجمع فيها الأوساخ وتصبح مكباً للنفايات والمخلفات، مما يهدد صحة القريبين من هذه المباني، وتساهم في انتشار القوارض والحشرات الضارة. العوائق القانونية للحد من الظاهرة قامت الجهات المعنية بالدولة بعدة محاولات للحد من هذه الظاهرة بتنفيذ قانون تنظيم المباني الذي ينص على حظر ترك المباني مهجورة، وتقوم البلدية المختصة بعد حصر المباني بالنظر في نوعية وملكية المباني، فإذا كانت مملوكة للدولة، يتم إحالة ملف المبنى إلى إدارة أملاك الدولة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، أما إذا كان ملكاً خاصاً يتم إخطار المالك رسمياً بإنذار الهدم، مع ملاحظة عدم وجود نص قانوني يلزم المالك بإكمال البناء في حال عدم استكمال البناء خلال مدة زمنية محددة، ومن المفترض أن تقوم لجنة الصيانة والهدم بتحويل ملف المبنى إلى إدارة نزع الملكية لاستكمال الإجراءات الخاصة بها، وفي كثير من الحالات يتعذر تنفيذ الهدم لعدم وجود نص قانوني في قانون مراقبة المباني يتم الركون إليه لإحالة تلك المباني إلى إدارة نزع الملكية، كما أنه يتعارض مع أحكام المادة 279 من الدستور القطري التي تنص على أن ((الملكية الخاصة مصونة)). الآلية التي تعمل بها لجنة الهدم والصيانة، تقوم بإصدار قرارها المناسب خلال مدة لا تتجاوز 6 أسابيع، وذلك بعد قيامها بمراجعة ملف المبنى وتدقيق البيانات الواردة فيه، ودراسته من الناحية الفنية والإنشائية مع إجراء الكشف الميداني على المبنى. وفيما يتعلق بشأن قيام الوزارة بتطبيق عقوبة الغرامة على المباني المهجورة، عملاً بالمادة رقم 19 من قانون مراقبة المباني، تقوم البلديات المختصة بتولي تنفيذ قرارات اللجنة، بعد إخطار المالك لتنفيذ قرارات اللجنة بشكل طوعي، أو تقوم الدولة بذلك على نفقة المالك، مع إضافة 25 % من التكلفة الفعلية، وإحالة المالك إلى القضاء لتطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة 19 من قانون مراقبة المباني. أين يكمن الحل قيام الجهات المعنية بالبلدية بتوعية وإرشاد المواطنين من ملاك المباني المهجورة والمتروكة دون اكتمال، مع توضيح خطورة ترك المباني المهجورة وغير المكتملة والمشوّهة للمنظر العام، والعقوبات المترتبة على ذلك، والإعلان عنها بالوسائل الإعلامية المختلفة، خاصة أن العقوبة المترتبة على هذه المخالفة حسب المادة «19» من قانون تنظيم المباني تنص على غرامة مالية ما بين 5 إلى 20 ألف ريال تجاه المخالفين، وعلى الجهات المعنية أيضاً المبادرة بالقيام بحملات تفتيشية لحصر هذه المباني والتصدي لهذه الظاهرة، وذلك بتفعيل قانون مراقبة المباني رقم (29) لسنة 2006، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار من وزير البلدية والبيئة رقم (33) لسنة 2008، وتشديد الرقابة وتكثيف الحملات التفتيشية على هذه المباني المهجورة، وكذلك مراجعة دقة السجلات الخاصة بها، حتى لو اضطر الأمر تعديل القوانين واللوائح لتسريع وتيرة الحد من هذه الظاهرة قبل أن تستفحل خطورتها وتصبح مرتعاً ووكراً يهدد سلامة وأمن المواطنين. كسرة أخيرة نُمني النفس بأن تتكاتف الجهود الرسمية والمجتمعية للحد من انتشار هذه الظاهرة والتي زادت خطورتها وأصبحت مقلقة ومخيفة لكثيرين من المواطنين والمقيمين، وأن تقوم الجهات المعنية بالتشديد في تفعيل القوانين واللوائح الخاصة بتنظيم المباني، خاصة بعد أن تولدت ظواهر أخرى ناتجة عنها مثل انتشار الكلاب والقطط الضالة التي أصبحت تتخذ من هذه المباني مأوى لها في كثير من المناطق، ونسأل المولى عز وجل أن يحفظ بلدنا ويديم على أهلها نعمة الأمن والأمان التي نتميز بها على كثير من بلدان العالم، والمحافظة على هذه النعمة لا يتأتى إلا ببذل مزيد من الجهود وتكاتفها في الحد من أي ظاهرة تهدد هذه النعمة من الزوال. [email protected]