13 سبتمبر 2025

تسجيل

اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

02 نوفمبر 2021

منذ نشأة الحياة والحروب تدار بين البشر، إذ صحبت الحرب الإنسان في مسيرته عبر التاريخ، وحفل سجل البشرية بالحروب والصراعات حتى غدت الحرب سمة من أبرز سمات التاريخ الإنساني، وبدت صفحات التاريخ الملطخة بدماء الضحايا برهاناً على تلك الأهوال والفظائع التي جرتها الحروب على بني الإنسان ومع ظهور الجماعات السياسية وتطور أشكالها اكتسبت الحرب أهمية خاصة بوصفها أداة لقهر إرادة الجماعات السياسية العادية. وقد اتسمت الحروب والنزاعات في العصور القديمة بالوحشية والمغالاة في سفك الدماء، فلم ينج من ويلاتها عجوز فان أو امرأة حامل أو طفل رضيع، ولكن سرعان ما بدت الحاجة ماسة إلى نوع من القواعد التي يتعين مراعاتها أثناء تلك النزاعات. وقد تحقق ذلك فعلا من خلال أول محاكمات فعلية في التاريخ عنها ألا وهي محاكمات نورمبرج بموجب اتفاقية لندن لـ 8 أكتوبر 1945 ثم تبعتها محاكمات طوكيو بموجب القرار الصادر عن القائد الأعلى للقوات المسلحة لدول الحلفاء في 19 يناير 1946. ثم واصل المجتمع الدولي جهوده لإنشاء محكمة جنائية دولية تكون جاهزة دائما لمحاكمة مجرمي الحرب وتوصلوا إلى إعداد مشروع للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة الذي أعدته لجنة القانون الدولي 1998، ودخل حيز النفاذ في 01 يوليو 2002. اختصاصات المحكمة 1. الاختصاص الموضوعي الجرائم التي تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية هي: • الإبادة الجماعية تعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المحددة في نظام روما (مثل القتل أو التسبب بأذى شديد) ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً. • الجرائم ضد الإنسانية تعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمة التفرقة العنصرية وغيرها. الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب بصرف النظر عن ارتكابها وقت "السلامِ" أو الحرب. • جرائم الحرب تعني الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي. إن إدراج النزاعاتِ الداخلية يتواءم مع القانونِ الدوليِ العرفي ويعكس الواقع بأنه في السنوات الـ 50 الماضية حدثت أكثر الانتهاكات خطورة لحقوق الإنسان داخل الدول ضمن النزاعاتِ الدولية.. • جرائم العدوان فيما يتعلق بهذه الجريمة فإنه لم يتم تحديد مضمون وأركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة كباقي الجرائم الأخرى. لذلك فإن المحكمة الجنائية الدولية تمارس اختصاصها على هذه الجريمة وقتما يتم إقرار تعريف العدوان، والشروط اللازمة لممارسة المحكمة لهذا الاختصاص. 2- الاختصاص الإقليمي خلال مفاوضات نظام روما، حاولت الكثير من الدول جعل المحكمة ذات سلطة عالمية. لكن هذا الاقتراح فشل بسبب معارضة الولايات المتحدة. وتم التوصل إلى تفاهم يقضي بممارسة المحكمة لسلطتها فقط ضمن الظروف المحدودة التالية: - إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطناً لإحدى الدول الأعضاء (أو إذا قبلت دولة المتهم بمحاكمته). - إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة عضو في المحكمة (أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية). - أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن. 3- الاختصاص الزماني تستطيع المحكمة النظر فقط في القضايا المرتكبة في أو بعد 1 يوليو 2002. وبالنسبة للدول التي انضمت لاحقاً بعد هذا التاريخ، تقوم المحكمة آليا بممارسة سلطتها القضائية في هذه الدول بعد 60 يوما من تاريخ مصادقتها على الاتفاقية. 4- الاختصاص التكميلي الغرض من المحكمة أن تكون محكمة ملاذ أخير، فتحقق وتحاكم فقط في حالة فشل المحاكم الوطنية في القيام بذلك. المادة 17 من نظام روما الأساسي تنص على أن القضية ترفض في الحالات التالية: • إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها اختصاص عليها، ما لم تكن الدولة حقاً غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك. • إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها اختصاص عليها وقررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني، ما لم يكن القرار ناتجاً عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة. • إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى، ولا يكون من الجائز للمحكمة إجراء محاكمة طبقا للفقرة 3 من المادة 20. • إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر. 5- الاختصاص القضائي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها فحسب على جريمة ما إذا ما قبلت الدولة التي ينتمي إليها المتهم أو التي وقعت الجريمة على أراضيها، اختصاص المحكمة في هذه الجريمة بالمصادقة على نظام روما الأساسي (المادة 12 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). وهناك قيد إضافي على هذا الاختيار إذا ما تماثلت الدولة التي ينتمي إليها المتهم والدولة التي ارتُكبت الجريمة على أراضيها. خبير قانوني وزارة العدل [email protected]