15 سبتمبر 2025

تسجيل

أولاً: من أنت؟

02 نوفمبر 2021

الناس أنواع، أناس يعرفون من هم وماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل، وأناس يعرفون من هم ولكنهم لا يعرفون ماذا يريدون أن يصبحوا، وأناس لا يعرفون من هم ولا ماذا يريدون أن يكونوا! الفئة الأولى هي الفئة الأكثر حظاً في هذه الحياة، والتي يعرف أفرادها أنفسهم وماذا يرغبون من هذه الحياة وإلى أي مدى يطمحون إلى الوصول. والفئة الثانية هي الفئة التي ستصبح يوماً ما، بالعمل والإيمان من الفئة الأولى، فاهمين أنفسهم وعارفين أهدافهم، أما الفئة الثالثة، فهي الفئة التي ضمتنا يوماً ما جميعنا في كنفها، فخرج بعضنا منها، وبقي بعضنا الآخر ليكمل بحثه عن معنى الحياة وهدفها أو لينعم في كسله واتكاله على الغير. لاحظوا، أنه لا وجود لفئة لا تعرف نفسها وتعرف ماذا تريد أن تكون، لأنه لا يمكنك أن تجهل مكنونات نفسك ورغبات روحك، وأن تعرف في الوقت نفسه، ماذا تريد أن تكون! باختصار، لا يمكنك أن تصل إلى وجهتك وأنت تجهل مكانك! كيف لنا أن نصل إلى ما سافر إليه أصحاب المجموعة الأولى؟ ولا أقصد معرفة أهدافنا أو ما نريد فعله في هذه الحياة، بل أقصد الشق الأول من رحلتهم وهو معرفة النفس وما يختلج داخلها.. حيث إننا ما إن نعرف أنفسنا ودوافعنا حتى تسهل علينا أمور الدنيا ونلج بسهولة ودون جهد إلى طموحاتنا وأحلامنا. كيف لنا إذاً، أن نعرف أنفسنا وأن نتعرف على الشخص الحقيقي بداخلنا؟ كيف لنا أن نسطر مبادئنا وقيمنا، وأن نجد ونتبين خطوطنا الرفيعة في شخصياتنا؟ الحقيقة أن لا شيء أصعب من اكتشاف المرء لنفسه وماهيته، ورغم أن البعض يكتشف نفسه بدون جهد أو محاولة مضنية إلا أن هؤلاء لا يمثلون سوى قلة قليلة من الناس. اكتشاف النفس والروح تذكرني بمقولة مايكل أنجلو عن عملية النحت: "إن الجسم موجود في كتلة الرخام، و لا يبقى علينا سوى انتزاعه منها، وإن بدا ذلك مستحيلاً". اكتشاف النفس ومعرفة خبايا أرواحنا بهذه الصعوبة ونحن بلا عبقرية مايكل أنجلو! ولكنها عملية كما قال عنها مايكل أنجلو، ليست مستحيلة! يجد الانسان نفسه وروحه وشخصيته، عندما يبحث ويجرب الحياة. حين يقرأ ويسافر و يصاحب الناس. عندما يخرج إلى العالم و يختبره قبل أن يختبره العالم بدوره. يصل الانسان لنفسه ومكنوناته عندما يخرج من صندوق راحته ويلعب ويعمل ويسمع الموسيقا ويشاهد الأفلام، ويجرب فيُخطئ حتى يصل إلى الصواب. يجد الإنسان نفسه عندما يجلس مع نفسه، ويسألها عن نفسه، ويفتح حديثه الداخلي مع روحه. عندها سيصل الانسان إلى الجزء الثاني من حياته، الوقوف على أهدافه وطموحاته وأحلامه في الحياة. ووقتها، يحلو العيش، وتتضح معاني الحياة.