17 سبتمبر 2025
تسجيلالأمة الإسلامية تتعرض لمخاطر تهدد وجودها، لذلك يجب أن يشحذ العلماء المسلمون عقولهم وبصائرهم، للبحث عن مصادر القوة، وأساليب استخدامها لبناء المستقبل.ولكي نكتشف مصادر القوة يجب أن نراجع تاريخنا الحديث، ونقرأ بعمق أسباب الهزائم التي تعرضنا لها، وما نعانيه من ضعف وفرقة وتمزق وخلاف. هذه المراجعة الجادة يمكن أن تكشف لنا الكثير من الحقائق التي نستخدمها في توعية الأمة، وتحفيزها للقيام بدور تاريخي جديد، ولإعادة بناء الحضارة الإسلامية. أهم نتيجة يمكن أن نتوصل لها من دراسة التاريخ الحديث إن الإسلام قام بدور مهم في قيادة حركة الكفاح ضد الاستعمار التقليدي القائم علي الاحتلال العسكري، والحكم الأجنبي المباشر في الكثير من الدول في افريقيا وآسيا منذ الحملة الفرنسية علي مصر 1798، وهو يقوم بدوره حتي الآن في قيادة كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي. لكن المشكلة أن الاستعمار التقليدي عندما رحل ترك نخبة متغربة لتحكم البلاد التي تركها، ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية التي قادت الاستعمار الجديد بعد الحرب العالمية الثانية في هذه النخبة أداة للهيمنة والسيطرة علي الشعوب، وتحقيق مصالحها. كان عملاء الاستعمار الثقافي ينقلون من وسائل الاعلام والكتب الغربية دون نقد أو تفكير، فأغلبهم من محدودي المواهب، وضعفاء الشخصية والخيال الذين يعتمدون في حياتهم علي الغرب. وهؤلاء المتغربون احتلوا وسائل الإعلام ووزارات الثقافة بكل أجهزتها والجامعات خاصة الكليات التي تدرس العلوم الإنسانية والاجتماعية. مع ذلك ظهر علماء يتطلعون إلي قيادة كفاح شعوبهم ضد الاستعمار الثقافي والتغريب والتضليل الغربي، وانطلقوا من فهم حقيقي لدور الإسلام في بناء حضارة المستقبل. هؤلاء العلماء امتلكوا خيالا سياسيا واجتماعيا، وانتجوا الكثير من الأفكار الجديدة التي يمكن أن تسهم في تغيير الواقع.. لكنهم تعرضوا للكثير من الاضطهاد والظلم، علي أيدي النخبة المتغربة التابعة للسلطة، والتي تمتلك وسائل السيطرة والتحكم. وقامت السلطات التابعة للغرب بدورها في اضطهاد هؤلاء العلماء، وحرمان الشعوب من عطائهم وفكرهم وعلمهم لأنها تدرك أنهم يمكن أن يكونوا القادة الحقيقيين للشعوب في كفاحها ضد الاستعمار الجديد. هناك الكثير من هؤلاء العلماء الذين يمكن أن يبنوا القوة العلمية والفكرية والثقافية للأمة الإسلامية، ويقودوا الكفاح ضد الاستعمار الثقافي، لكن كيف يمكن أن تحميهم الأمة، وتوفر لهم امكانيات الانطلاق في مرحلة جديدة لإعادة الحضارة الاسلامية التي أصبحت الأمل الوحيد للبشرية. دراسة الواقع توضح أن مشروع التنوير الأوروبي وصل لمرحلة النهاية، وأن منظومة الأفكار الغربية التي تم علي أساسها بناء عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت سببا في انتشار الفقر والعنصرية والحروب المدمرة والاستغلال الرأسمالي للدول الضعيفة. لذلك يحتاج العالم إلي العلماء المسلمين ليستمدوا من الإسلام الأسس التي يمكن بناء المستقبل عليها، وهؤلاء العلماء يمكن أن يقودوا كفاح الشعوب ضد الاستعمار الثقافي الذي حطم قدراتها علي تحقيق الاستقلال الشامل. لكن الأمة الإسلامية يجب أن توفر لعلمائها فرص نشر انتاجهم العلمي والفكري، وحماية حقوقهم في الاتصال بالجمهور وتشكيل الرأي العام، وتأهيل الشباب في الجامعات ليكونوا قادة للمستقبل.. فإلي متي يظل هؤلاء العلماء في السجون والمنافي لأنهم يمتلكون القدرة علي قيادة شعوبهم لتحقيق أهداف عظيمة. هؤلاء العلماء يمكن أن يبنوا المستقبل عندما يسمع العالم صوتهم، ويقرأ الشباب علمهم.