11 سبتمبر 2025
تسجيلبعد دعوة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح للاحتكام للشعب بإجراء انتخابات مبكرة لتصحيح مسار مجلس الأمة بحسن الاختيار بعد مواجهات مستمرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت-وإصدار مراسيم في نهاية يونيو الماضي وحل مجلس الأمة في أغسطس- بالتصويت حسب مقر الإقامة في البطاقة المدنية والتشدد بمنع الانتخابات الفرعية للقبائل لتعزيز فرص فوز المرشحين الأوفر حظاً، وحتى لا تتشتت أصوات القبائل الكبيرة. ما أدى لاستفادة القبائل الصغيرة والأقليات، كما أثبتته نتائج الانتخابات قبل أيام. ساهمت مبادرات القيادة الكويتية المهمة بإشاعة أجواء تفاؤل مستحقة، بتغيير النهج، ما شجع قيادات المعارضة التي قاطعت الانتخابات منذ عام 2013 بعد تعديل قانون الانتخابات بنظام الصوت الواحد-للمشاركة، خاصة عودة المخضرم رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون-في 4 مجالس أمة سابقة-ليخوض الانتخابات للمرة الأولى منذ عقد ولعزوف رئيس مجلس الأمة السابق في العقد الأخير مرزوق الغانم عن الترشح والانكفاء ولو مؤقتاً. ما شجع التيارات والشخصيات البارزة التي قاطعت الانتخابات على الترشح. ما سيؤدي لتراجع الإحباط وانسداد الأفق الشعبي وارتفاع مستوى الارتياح والتفاؤل. انعكس ذلك بالحماسة التي شهدتها شخصياً بزيارة المقار الانتخابية ونقاش المرشحين والناخبين وندوات المرشحين في مقارهم الانتخابية، وارتفاع نسبة الاقتراع ونسبة التغيير وفوز نواب سابقين وشخصيات إصلاحية، يؤكد تغير المزاج الشعبي. على أمل أن ينعكس ذلك في قراءة السلطة التنفيذية لنتائج الانتخابات وتركيبة مجلس الأمة السابع عشر الجديدة على نهج وتركيبة الحكومة الكويتية الجديدة، بعد استقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة جديدة. وكذلك نهج وموقف الحكومة من انتخابات قيادات ولجان المجلس كما تعهد ولي العهد. بتفويض من سمو الأمير للقيام بمهام دستورية، ألقى ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الصباح في نهاية شهر يونيو 2022، خطاباً أعلن فيه خريطة طريق، بعرض قائمة من الإصلاحات المهمة بوقوف الحكومة على الحياد وعدم التدخل في انتخابات رئيس مجلس الأمة والمناصب القيادية ولجان مجلس الأمة. وذلك بعد قرار حل مجلس الأمة السادس عشر في شهر أغسطس الماضي وأن الحل تصحيح المشهد السياسي، وما فيه من عدم توافق وصراعات، وممارسة تصرفات تهدّد الوحدة الوطنية. لذلك وجب اللجوء إلى الشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار". كما خاطب ولي العهد الناخبين بتأكيده "لا تضيعوا فرصة تصحيح المسار حتى لا نعود إلى ما كنا عليه، لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين، وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث". تبع ذلك اعتماد الاقتراع في الدوائر الانتخابية الخمس بناء على عنوان الناخبين في سجل "البطاقة المدنية" وليس حسب قيد الاقتراع. كما تم إضافة 19 منطقة سكنية في الدوائر الانتخابية الخمس. وتعهد والتزام واضح بالحياد وعدم التدخل في الانتخابات وكذلك في انتخاب المناصب القيادية ولجان مجلس الأمة. وكذلك حل مجلس الأمة والعودة للناخبين لتصحيح مسار العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية المحتقنة والتي قادت لمواجهات وحل 10 مجالس أمة منذ بدء المشاركة السياسية قبل ستة عقود-والذهاب لصناديق الاقتراع 6 مرات خلال السنوات العشر الماضية. ما قصّر عمر مجالس الأمة بعد إتمام مددها الدستورية وتعدد استقالات الحكومات. انتخب الكويتيون مجلس الأمة السابع عشر في 29 سبتمبر 2022، وسط أجواء تفاؤل وثقة بالحاجة للتغيير بحسن الاختيار لتصحيح المسار الذي كان شعار الانتخابات وإنهاء المقاطعين تحت شعار الإصلاح بتصحيح المسار واختيار القوي الأمين-في 5 دوائر انتخابية في 759 لجنة لحوالي 795 ألف ناخب من بين 305 مرشحين-ما يعادل نصف الشعب الكويتي. تمثّل الناخبات 51,2% من الناخبين تنافس في الانتخابات 305 مرشحين بينهم 22 امرأة على 50 مقعدا. من الظواهر الملفتة في انتخابات مجلس الأمة السابع عشر سيطرة النهج الإعلامي الجديد والأكثر تأثيرا عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي وخاصة موقع توتير الأكثر انتشاراً وتأثيراً، والابتعاد عن الخطابات الطويلة ووسائل الإعلام التقليدية من صحف وفضائيات، وذلك للتعريف بالمرشحين وأجندتهم وما يسمى تجاوزاً برامجهم الانتخابية. أتت نتائج الانتخابات ملفتة: فازت تكتلات المعارضة غير الموحدة، وغير المتفقة على أجندة موحدة، بثلاثين مقعداً-60% من المقاعد الخمسين- وعاد 12 نائباً من النواب السابقين. خسر وامتنع عن الترشح 27 نائباً. وعاد النواب المقاطعون بعد خطاب الطمأنة. تراجع عدد نواب القبائل، بسبب تقييد الانتخابات الفرعية والحد من المال السياسي والتصويت بمقر السكن. ضاعف النواب الإسلاميون من إخوان ومقربين من التنظيمين والإسلاميين عدد نوابهم لأكثر من 10 نواب. وسجلت المرأة عودة في المجلس الجديد بفوز نائبتين في الدائرتين الثانية والثالثة، بعدما غابت كلياً في المجلس السابق. وارتفع عدد النواب الشيعة من 6 نواب في المجلس السابق إلى 9 نواب في المجلس الجديد. لكن يبقى التحدي المطلوب مواجهته والتعامل معه من المجلس الجديد، كما تكرر في مناقشات وندوات المرشحين الانتخابية، الانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي وتشريع التكتلات السياسية والانتخاب بالقوائم النسبية والعمل والتعاون بين السلطتين بوضع أجندة وبرنامج عمل حكومي وأولويات متفق عليها. سيساهم ذلك بخفض حدة المواجهات والتصعيد، خاصة بوجود المخضرم أحمد السعدون-رئيس مجلس الأمة القادم، بخبرته الكبيرة، وسياسته التوافقية، ومعه رئيس وزراء جديد. بوضع آلية للتعاون وتمرير قوانين مطلوبة لحل ملفات عالقة، خاصة بوجود اجماع على محاربة الفساد كحال الدول جميعها، وقوانين تنويع مصادر الدخل. وبالتالي تعزيز تعاون السلطتين بتجنب الصِدام والاحتقان السياسي، سيعيد ثقة الناخبين بمجلسي الأمة والوزراء معاً ويفتح صفحة جديدة تنهي المواجهات المحتدمة التي أدت لتعطيل العمل السياسي بحل مجالس الأمة واستقالات الحكومات بشكل متكرر ومتتالٍ ومكلف.