11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وهي تسود صفحاتها بادعاء أن السودان يستخدم أسلحةً كيميائيةً في دارفور، ربما تناست منظمة العفو الدولية التي أسسها اليهودي الإنجليزي بيتر بينيسن، أن الطرف التي بليت من كثرة الرد لم تعد مدعاةً للضحك، وأن ذاكرة العالم لا تسقط سهوًا من هوت بهم ذات الفرية من شاهق، وكيف حبط زيفهم كناطح صخرةٍ يومًا ليوهنها (فلم يُضِرها وأوهى قرنه الوعِلُ).. لكن يبدو أن سوء الغرض أعمى العفو الدولية عن مراجعة أباطيل البارونة كوكس التي استنفذت كل حيلها للنيل من السودان زهاء ثلاثة عقود من حيث خاب مسعاها بل وهوت بمصداقية منظمتها نحو حضيضٍ سافلٍ جراء زيفٍ مماثل اضطرت حكومة بريطانيا لفضحه. ففي خلال النصف الثاني من العام 1999، وقد بلغت مباغضة البارونة كارولين كوكس عضو مجلس اللوردات البريطاني ورئيسة منظمة التضامن المسيحي للسودان أقصى مداها، حاكت مع حركة قرنق المتمردة آنذاك أكذوبة أن السودان يستخدم أسلحةً كيميائيةً ضد مناوئيه في الجنوب.ومشت المرأة بالرواية بين وسائل الإعلام البريطانية التي سايرتها دون تحفظ، وعندما استشعرت كوكس أن الرأيين العام والرسمي مهيآن، بعثت في السادس من أكتوبر من ذات العام بخطابٍ يحمل ذات الفرية للبارونة إليزابيث سايمونز وزيرة الدولة بوزارة الدفاع البريطانية آنذاك، وزودت الحكومة البريطانية بعينات من التربة والمياه والشظايا من المناطق المدعى استخدام تلك الأسلحة فيها.وبتاريخ الخامس من يونيو من العام 2000 جاء رد الحكومة البريطانية من خلال خطاب الوزيرة سايمونز، مفندًا الادعاء على نحوٍ لا يقبل اللبس ولا الغموض، وهو يقرر أن تلك العينات بل والمزيد من العينات تم تحليلها بالمعامل البريطانية والأمريكية والفنلندية المتخصصة وجميعها نفت وجود أي أدلة على استخدام أسلحةٍ كيميائية. الغريب أن أكذوبة كوكس جاءت بعد أقل من عامٍ من أكذوبةٍ أخرى خلال حقبة الرئيس كلينتون عندما دمرت الصواريخ الأمريكية مصنع الشفاء للأدوية الطبية بالعاصمة السودانية، تحت ذريعة أنه ينتج مواد تستخدم في الأسلحة الكيميائية جراء معلومات استخبارية ثبت للأمريكيين أنفسهم خطؤها، ومن ثم عوضوا ملاك المصنع لكنهم لم يعتذروا عن فعلتهم حتى اليوم. وعلى ما يبدو فإن النجاحات التي حصدها وفد السودان لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير برئاسة وزير الخارجية بروفسور إبراهيم غندور وهو يضع كتاب السودان على منصة المنظمة العالمية بما فيه من تطورات واثقةٍ تشهدها البلاد، إن يكن في دارفور حيث سبق التجمع العالمي احتفال السودان بطي صفحة الأزمة، أو الحوار الوطني الذي يعد بطرح قطافه وشيكًا خلال أكتوبر الجاري.. على ما يبدو أنها قضت مضاجع من لا يريدون بالسودان خيرًا.. وفيما جلس بروفسور غندور بكامل الثقة وتماسك العبارة والتلقائية والعفوية مع وسائل الإعلام الأمريكية وغيرها، عقب لقاءات ثنائية وصفها المراقبون بالنجاح، وفي ظل تسريبات تقرر أن أوراق التوت التي بررت بها أمريكا عقوباتها ضد السودان تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وأن الدولة العظمى وعبر مؤسساتها ربما لا تجد بدًا من التطبيع مع السودان ومن ثم رفع العقوبات، كانت جباه قوى الضغط التي شاخت تتعرق خذلانًا، وتنتفخ أوداجها رهقًا؛ عندئذٍ فلا حرج أن تردد بقايا كوكس ذات الطرف البالية وتطالب العالم بأن يضحك عليها من جديد.. وهي تكذب وتتحرى الكذب تتناسى العفو الدولية أن السودان يستضيف حاليًا حوالي المليون ونصف المليون لاجئ من دول الجوار، من بينهم حوالي سبعمائة ألف من دولة جنوب السودان الذين غادروا بلادهم بسبب الحرب الوحشية في تلك الدولة بحثًا عن الأمن في بلادٍ خبروها جيدًا قبل ندامة الكسعي الماثلة إزاء تصويتهم للانفصال، ذلك بالإضافة لأكثر من 300 ألف من الجنوبيين الذين فضلوا مواصلة الإقامة في السودان تحاشيًا للمخاطرة من المجهول الذي ينتظرهم هنالك في بلادهم. كل ذلك شاهدٌ على أن السودان بعيدٌ كل البعد من الصور المشوهة التي تُعكس بواسطة بعض الدوائر الغربية وتلك المتماهية مع الغرب.. وهنا يبدو من الصعوبة بمكان الاعتقاد بأن الملاذ الآمن للاجئين يمكن أن يتحول لقصف أبناء الوطن بأسلحةٍ تقليديةٍ ناهيك عن أسلحة دمار شاملٍ يعلم المجتمع الدولي أن السودان لا شأن له بها من منظور الإمكانات وقبل ذلك من منطلقاته القيمية والأخلاقية.