28 أكتوبر 2025
تسجيليدخل السودان اليوم مرحلة جديدة، كانت منتظرة لكن ملامحها لم تكن واضحة بعد انفصال دولة الجنوب، فقبيل الاستفتاء على الانفصال كانت الوعود تنهال على الخرطوم بمكافأتها على الاستمرار في العملية السياسية المعروفة النتائج، وكانت الخرطوم بفعل الضغوط الاقتصادية وتكاليف الحرب الأهلية، تراهن على تلك الوعود بدرجة كبيرة، وعلى قدر كبير من الثقة، إلى أن اتضح أن تلك الوعود تبخرت بمجرد توقيع اتفاقية نيفاشا وانفصال الجنوب عام 2011، وعندئذ بات على الشعب والحكومة أن يدفعا الثمن. من هذا المنطلق يمكن قراءة المشهد السياسي المتوتر اليوم بأنه جزء من واقع "دفع الثمن" هذا، الذي يتطلب وعيا وحكمة من القيادة السودانية والشعب السوداني للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، خاصة وأن الإجراءات الاقتصادية التي أثارت غضب قطاع واسع من الشعب، بعد أن ارتفعت الأسعار بنسبة تجاوزت الـ 60 %، جاءت لتفادي انهيار الاقتصاد بعد زيادة التضخم واختلال سعر الصرف وخروج عائدات البترول من موازنة الدولة، وفقا لتأكيدات وتصريحات الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين السياسيين بمن فيهم الرئيس عمر البشير. السودان يواجه أكثر من ملف على أكثر من جبهة، وهو مايتطلب من قادة الرأي سواء في الحكومة والمعارضة أخذ الحيطة والحذر من كل ما من شأنه أن ينزلق بهذا البلد الشقيق إلى مستنقع الأزمات بعد أن بدأ يصحح مساره، ويقوم أوضاعه الداخلية، سواء على مستوى دارفور الذي بدأ يجني ثمار اتفاق الدوحة على مسارات السلام والتنمية، إضافة لتحديات انفصال الجنوب، والصراعات القبلية، والحديث عن جبهات جديدة، والتداعيات الأمنية والعسكرية التي شهدتها مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان نتيجة للانفصال. السودان اليوم أمام مرحلة جديدة من تاريخه السياسي، تحتاج من الحكمة والتعقل، أكثر مما تحتاجه من المواجهات والعنف. فهل من مستجيب؟.