02 نوفمبر 2025
تسجيلتشير الأخبار الواردة من سلطنة عمان إلى ظواهر إيجابية في الاقتصاد الكلي للبلاد بدليل الزيادة المتسمرة في الإنتاج النفطي وتعزيز النفقات العامة وبالتالي النمو الاقتصادي دون الإشارة لمسألة مقابل تحجيم التضخم. يناقش مقالنا بشيء من التفصيل هذه التطورات الإيجابية في اقتصاد السلطنة. تعزيز الإنتاج النفطيففيما يخص الإنتاج النفطي تشير آخر التقارير إلى بلوغ الإنتاج اليومي حد 882 ألف برميل يوميا مع نهاية يوليو (تموز) من العام الجاري. وبصورة أشمل، بلغ متوسط الإنتاج 878 ألف برميل يوميا في بداية 2011 مقارنة مع 858 ألف برميل مع بداية العام 2011. يعد هذا التطور مهما نظرا لمساهمة القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة. كما تعتبر النفقات العامة المساهم الأول للناتج المحلي للأهمية الأمر الذي يكشف الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في الاقتصاد العماني. طبعا، هناك أمر سلبي في هذا التطور وهو بقاء حيوية الاقتصاد العماني تحت رحمة التطورات في أسواق النفط العالمية.بالعودة للوراء، بلغ متوسط الإنتاج النفطي قرابة 710 آلاف برميل في 2007. لكن يعتبر التطور نتيجة مباشرة بل نجاحا لسياسة التعاون مع الشركات النفطية الدولية. وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. ولحسن الحظ، جاءت الزيادة في الإنتاج في الوقت المناسب أي فترة ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة لفترة زمنية. يشار إلى أن عمان ليست عضوا في منظمة أوبك وبالتالي غير مطالبة بالتزام بحصص محددة للإنتاج. لكن يعرف عن عمان تحاشي التصادم مع توجهات أوبك استمرارا للنهج الاقتصادي المحافظ للسلطنة. ويبدوا أن عمان مصممة للبقاء خارج أوبك حفاظا على قرارها استقلالية قراراتها الاقتصادية. ارتفاع النفقاتوليس من الخطأ ربط الحديث حول ارتفاع حجم المصروفات العامة السنة المالية الجارية مع حالة تعزيز الإنتاج النفطي في ظل بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا. وكانت السلطات قد أعدت ميزانية السنة المالية 2011 بنفقات قدرها 21.1 مليار دولار والتي هي أصلا مرتفعة بنحو 9 في المائة عن تلك المقدرة للعام 2010. وقد أعدت السلطنة ميزانية 2011 بعجز متوقع قدره 2.2 مليار دولار. بيد أنه تشير التقارير إلى تحقيق فائض قدره 1.2 مليار دولار في الشهور السبعة الأولى للعام 2011. لكن الحديث الآن عن ارتفاع حجم المصروفات العامة إلى 24 مليارا للعام 2011 في ظل تعزيز مستوى الدخل تزامنا مع نمو الإيرادات. وقد أعدت الجهات الرسمية ميزانية 2011 بمتوسط سعر للنفط قدره 58 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية. يتوقع على نطاق واسع بأن يبقى معدل سعر النفط فوق حاجز الـ 100 دولار للبرميل خلال للعام 2011. بل تؤكد العديد من التقارير بأن بمقدور الميزانية العامة لعمان تسجيل فائض مع متوسط سعر قدره 84 دولارا للبرميل أي أقل من الأسعار المشهورة حاليا. معالجة تداعيات الأحداث يتزامن الحديث عن زيادة النفقات مع الكشف عن رفع مستوى المصروفات العامة بمقدار 2.6 مليار دولار كقيمة للمشاريع الاقتصادية والمعيشية وذلك في إطار التعامل مع تداعيات الأحداث التي جربتها عمان في الربع الأول من العام الجاري. وقد تركزت حول المطالبات الشعبية بتوفير فرص العمل للمواطنين فضلا عن محاربة أوجه القصور للمسائل الإدارية والمالية في السلطنة. من جملة الأمور، تشمل المشاريع المختلفة إيجاد أكثر من 40 ألف فرصة عمل في الدوائر الرسمية وخصوصا الأمنية منها. يعد هذا التطور حيويا لأنه ينصب في خدمة القضاء على البطالة والتي تتراوح نسبتها ما بين 12 و 15 في المئة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. كما تتضمن حزمة المشاريع تقديم مبلغ قدره 390 دولارا شهريا للمواطنين الباحثين عن عمل وهذا يعني توفير سبل العيش الكريم لفئة من العمانيين وبالتالي خطة تستحق الإشادة. المشهور بأن الشباب في هذا الزمن أي عصر العولمة يتحملون تكاليف متنوعة منها نفقات وسائل تقنية المعلومات وبالتالي بحاجة للاعتماد على دخل دائم حتى ولو كان محدودا. النمو الاقتصادي كما من شأن الأموال المنفقة تعزيز مستوى النشاط التجاري لمختلف القطاعات الاقتصادية الأمر الذي يخدم الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة. وفي هذا الصدد، تشير التوقعات الأولية إلى إمكانية تسجيل نسبة نمو قدرها 5 في المائة بالأسعار الثابتة أي المعدلة لعامل التضخم وهي نسبية جديرة في كل حال من الأحوال. وزيادة على ذلك، أظهرت بيانات رسمية حديثة بأن الاقتصاد حقق نموا قدره 15 في المائة بالقيمة الاسمية في الشهور الثلاثة الأولى للعام 201 نتيجة ارتفاع أسعار النفط. مؤكدا، من شأن هكذا نمو المساهمة في تهيئة الأرضية لإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين وبالتالي معالجة أحد أسباب الرئيسية وراء اندلاع الاحتجاجات. الجميل في الأمر هو عدم اصطدام زيادة النفقات العامة مع معضلة خارج السيطرة للتضخم. يتوقع أن يبلغ متوسط التضخم 4 في المائة في 2011 وبالتالي أعلى من المعدلات السائدة في السنوات القليلة الماضية وخصوصا 2007 والنصف الأول من 2008 أي قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية. ومن شأن الصراحة في نشر الإحصاءات الجوهرية مثل التضخم والبطالة تعزيز ترتيب عمان في التقارير الدولية وخصوصا تلك التي تصدرها منظمة الشفافية الدولية. وكانت عمان قد حلت في المرتبة رقم 41 على مستوى العالم من بين 178 بلدا في تقرير مدركات الفساد للعام 2010. باختصار، يعيش الاقتصاد العماني ظروفا اقتصادية استثنائية وهي إيجابية في المجموع.