12 سبتمبر 2025

تسجيل

أصلحوا أفكاركم

02 سبتمبر 2023

يقول ابن سينا: (الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أولى خطوات الشفاء). أصبح الكثير من الناس يحذر ويحاذر من الإصابة بالأمراض، حتى يخيل له أنه قد أصيب بها فيتوهم المرض ويشعر به، إلا أن جلّ ما يشعر من آلام نفسية وجسدية إنما هي وساوس وتخيلات لا وجود لها. وقد روي قديما أن فلاحًا زار أحد فلاسفة الرومان في بيته، وصادف وقت مجيئه وقت غداء الفيلسوف، فأصرَّ على ضيفه أن يجلس معه على مائدة الطعام، لبّى الفلاحُ دعوة صاحب البيت، وعندما تناول طبق الحساء بين يديه رأى فيه أفعى صغيرة، ولكنه رغم هذا أكل ما في الطبق لأنه كره أن يحرج الفيلسوف ! عاد الفلاح إلى بيته ولم ينم ليلته تلك من وجع في بطنه، وقال في نفسه هذا أثر السُّم، وفي الصباح الباكر قصد بيت الفيلسوف علّه يجد دواءً لما ألمّ به، وكم كانت دهشته عظيمة عندما أخبره الفيلسوف أنه لم يكن في الطبق أية أفعى، وإنما هذا انعكاس رسمة على السقف في الطبق، واصطحبه إلى غرفة الطعام وسكب له طبقًا وقال: انظر أيوجد به أفعى ؟ قال الفلاح: لا عندها وضع الفيلسوف الطبق تحت الرسمة التي في السقف مباشرة، انعكست صورة الأفعى فيه، ثم قال له: الأفعى توجد في عقلك فقط!. الغريب أن الألم في بطن الفلاح زال فور معرفته بالحقيقة! إن العقل هو الأداة التي يميز بها الإنسان الحقائق ولكن عندما تغزو الأوهام عقل الإنسان، تصبح لها قوة الحقيقة فتفعل فعل الحقائق في ذهن صاحبها. الأوهام غالبا ما تكون لها صورة المعتقدات، ومن هذه المعتقدات التي تصاحب بعض الأمهات ما كانت تفعله إحدى السيدات، وقد روي أن امرأة زارت صديقة لها تجيد الطبخ لتتعلم منها سر طبخة السمك، دخلت معها المطبخ لتتلقى أول حصة، فلاحظت أنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت، فسألتها، عن السر وراء هذا، فأجابت أنها لا تعلم، ولكنها تعلمت ذلك من أمها، فقامت خبيرة الطبخ بالاتصال بأمها وسألتها عن السر، لكن الأم، أيضاً، قالت إنها تعلمت ذلك من أمها ولا تعرف له سبباً، فاتصلت بأمها (جدة الطباخة الأولى) لتعرف السر الخطير، وكانت المفاجأة أن (الجدة) قالت: ليس هناك سر، كل ما في الأمر أن مقلاتي كانت صغيرة والسمكة كانت كبيرة فاضطررت إلى قطع الرأس والذيل حتى تسعها المقلاة. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك أنه كان هناك ثلاجة كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية.. ويوم من الأيام دخل عامل إلى الثلاجة... وكانت عبارة عن غرفة كبيرة.. دخل العامل لكي يجرد الصناديق التي بالداخل... فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد.. وكان في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع.. حيث إن اليومين القادمين عطلة. فعرف الرجل أنه سوف يهلك.. لا أحد يسمع طرقه للباب!! جلس ينتظر مصيره.. وبعد يومين فتح الموظفون الباب.. وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي.. ووجدوا بجانبه ورقة..كتب فيها.. ما كان يشعر به قبل وفاته.. وجدوه قد كتب.. ( أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة.. أحس بأطرافي بدأت تتجمد.. أشعر بتنمل في أطرافي.. أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك.. أشعر أنني أموت من البرد.. ) وبدأت الكتابة تضعف شيئاً فشيئاً حتى أصبح الخط ضعيفاً.. إلى أن انقطع.. العجيب أن الثلاجة كانت مطفأة ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً!! لم يكن سوى ( الوهم ) الذي كان يعيشه.. كان يعتقد بما أنه في الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر.. وأنه سوف يموت.. واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة...!! وأخيرا لا يسعني إلا أن أقول إن النجاح والفشل يبدأ من الداخل، فأصلحوا أفكاركم! يقول محمود درويش عن الحياة: (لا تقف في بداية الطريق إن وجدت صخرة، فهذه جزء من جسر ستبنيه يوماً لمستقبلك).