14 سبتمبر 2025

تسجيل

تهنئة ثورية بعيد الحرية

02 سبتمبر 2011

النخلة شجرة العرب المباركة.. وثمرها طعام الفقير وحلوى الغنيرمضان هذا العام جاء يحمل البشريات والآمال فمساجد مصر امتلأت بالمصلين والمعتكفين دون خوف من جهاز مباحث أمن الدولة الذي كان فيما مضى يعد أنفاس الناس، ويراقب الدعاء في السجود، ويتصنت على دقات القلوب، وأشواق الأرواح ودموع العابدين.رمضان هذا العام جاء متميزاً شعرنا فيه لأول مرة منذ سنين طويلة بأننا نعبد الله بحرية، وزادت آمالنا في أن تنهض مصر وتتقدم، وأن يتحقق العدل فتوزع ثروات مصر على أهلها فتزايد كرم الناس، وأخرجوا ما في جيوبهم من مال قليل لينفقوه دون خوف.وهكذا أظهر رمضان أجمل ما فينا من سمات حضارية، وأثبت أنه عندما تتحقق النهضة سنبذل من أموالنا ما يغني إخوة لنا في كل الأرض يعانون كما كنا نعاني قبل ثورتنا المباركة من ظلم الحكام ونهب الفاسدين للثروات.ولقد حرصت هذا العام على أن أقضي معظم رمضان في قريتي على أرض سيناء المباركة الطيبة، الحياة هنا بكل المقاييس الحضارية والإيمانية جميلة.. الأرض هنا تتزين بالحب والرحمة، وقلوب الإخوان والأهل والأحباب عامرة بالإيمان، ولم أتمكن من تلبية الكثير من دعوات الأحباب لتناول طعام الإفطار، فالدعوات كثيرة تنبع من قلوب محبة ومخلصة وكريمة.. والطعام شهي لأنه يحمل ذكريات جميلة، فالثريد أطيب مأكولات العرب وسيد طعامهم.على امتداد أرض سيناء تنتشر النخيل محملة هذا العام بالبلح الذي لم ينضج بعد، لكنه يعد بموسم طيب هذا العام.والنخلة شجرة العرب المباركة، وثمرها طعام الفقير وحلوى الغني وزاد المسافر والمغترب، والقليل من رطب أو تمر تكفي حاجة الإنسان، والعربي لا يجوع ويستطيع أن يصمد طالما امتلأت أرضه بأشجار النخيل.ولكن لماذا حملت النخيل هذا العام أكثر من طاقتها.. كأن كل نخلة تقول لنا إن الله سبحانه وتعالى سيملأ الأرض خيراً وبركة وسيشبع كل جائع على أرض العرب إذا أخلصنا في إيماننا وعبادتنا، فلا تحملوا أيها العرب هماً وثوروا على ظالميكم فنخيلكم هذا العام هذا العام تحمل ثمراً أكثر من كل سنوات الظلم والهوان.وأنا أفطر يوماً عند صديق كريم، أمام بيته تمتد أشجار النخيل أطلقت لخيالي العنان وحلمت بمشروع عربي لزراعة مائة مليار نخلة في الصحاري العربية، وبأن تتجمل شوارع المدن العربية بالنخيل، وبأن ينطلق طلاب الجامعات في الصيف لزراعة النخيل في الطرق الرئيسية الطويلة بين المدن والدول العربية، وأن يتوصل علماء الزراعة إلى أفضل الأساليب لتخزين التمور وتصنيعها في مصانع حديثة نظيفة طبقاً لأعلى المواصفات لتوفير الغذاء لكل إنسان على أرض العرب.وعندئذ سنأكل نخيلنا ولن يتمكن أحد في هذا العالم من أن يقهر إرادتنا أو يفرض الحصار علينا أو يتحكم في غذائنا.وستكون نخلتنا درعاً لحريتنا وزينة لشوارع مدننا فتعطي للمدينة العربية شخصيتها الحضارية. كم هي رشيقة وجميلة هذه النخلة، وهي مثل العربي أبية ترفع هامتها معتزة بكرامتها لا تقبل حيفاً ولا جوراً. وتحت ظلال تلك النخيل كان الآباء والأجداد يعلموننا الفصاحة والبلاغة والفروسية والنخوة والحرية.ونحن نفطر يوماً روى لي صديق طرفة أن أحد الصيادين خرج من البحيرة جائعاً فتمنى أن يتحول رمال الجبل إلى عجوة وأن يتحول ماء البحيرة إلى زيت زيتون. حسناً هل يمكن أن تتحقق أمنية ذلك العربي ولكن بشكل جديد فتنشأ مصانع تنتج جبال عجوة مغلفة في صناديق فاخرة.وبمناسبة زيت الزيتون فالموسم هذا العام يحمل آمالاً كبيرة، فالإنتاج أكبر بكثير من كل السنوات السابقة.وسيناء تنتج أفخر وأطيب أنواع الزيت في العالم. لذلك أطلقت لخيالي العنان وحلمت مثل ذلك العربي من بلدي بأن تصبح سيناء مركز إنتاج زيت الزيتون في العالم، فتتم زراعة ملايين الأفدنة بأشجار الزيتون، وتتم تعبئة الزيت في زجاجات فاخرة تحمل الشفاء من كل داء، وتحمل لمصر الثورة والغنى.ورمضان هذا العام ساعد على حرية الخيال الإنساني، لذلك أرجوكم أن تشاركوني الحلم بأن تصبح سيناء على مركز النهضة العربية فيتم استثمار ثرواتها المعدنية وتنشأ على أرضها قلعة صناعية وتجارية عالمية، وعلى أرضها الواسعة يتم إنشاء عشرات الجامعات التي تتشكل طبقاً لأفكار جديدة فتصبح كل جامعة مدينة تعليمية متكاملة يعيش فيها الأساتذة مع الطلاب في بيئة تعليمية إبداعية، وتشكل هذه المدن التعليمية مجتمعا علميا جديدا للمعرفة.هل أسرفت في الحلم؟.. كلا نحن قادرون على أن نحقق كل الأحلام العظيمة، والحرية تمدنا بالأفكار الإبداعية وتدفع القوة في سواعد الرجال.ورغم حزني على الجنود الخمسة الذين قتلتهم إسرائيل على أرض سيناء إلا أن دماء هؤلاء الشهداء ستضيء لنا طريق المستقبل، ولن نقبل بعد اليوم الخضوع لأحد، ويجب أن تعرف إسرائيل أن شعب مصر تحرر من الطغيان، وأن كنز إسرائيل الاستراتيجي قد سقط إلى الأبد، وأن سيناء هي أرضنا وهي جزء عزيز من أرض مصر، وهي مركز النهضة القادمة، وأن مصر الحرة سترد بقوة على أي اعتداء على أرضها أو أهلها.وقفت يوم العيد أصافح أهل قريتي بكل الحب لأن الحب دائماً يرتبط بالحرية، فالأحرار وحدهم هم الذين يستطيعون أن يتعاملوا مع الناس بحب، ولأنهم يحبون الحرية ويعرفون جمالها فيم يريدون أن يصبح كل الناس أحراراً. لذلك كنت سعيداً بانتصار ثورة ليبيا وفخوراً بثوارها الأبطال، كما كنت فخوراً بأهل سوريا واليمن وهم يواصلون ثورتهم ضد الطغيان وأردت أن أقول لكل عربي كل عام وأنت حر وأبي وكريم وثائر، كل عام وأنت تعلم العالم فن عشق الحرية والثورة وبناء النهضة وإسقاط الطواغيت ومقاومة الظلم والاحتلال، كل عام وأهل فلسطين صامدون يقاومون من أجل تحقيق التحرير والعودة.