15 سبتمبر 2025

تسجيل

أبغض الحلال

02 أغسطس 2023

تصدر الأسابيع القليلة الماضية، هاشتاق أعلى نسبة طلاق في قطر، حيث وصل إلى ٧٢٪، وهذا مؤشر يبعث على القلق. النسبة ليست مخيفة فقط وإنما موجعة أيضا. صار الطلاق يقع لأتفه الأسباب، ويهدد الترابط الأسري، والأسرة لبنة المجتمع، التي تقوم عليها الأمم. الانفصال أسبابه كثيرة على سبيل المثال لا الحصر: إساءة الاختيار، المقارنات، عدم تحمل المسؤولية، «زوجوه يعقل»، ونقل كل خصوصيات المنزل الى خارج دائرة البيت. في نظر البعض الطلاق يتم بين شخصين، ولكن الأمر أكبر من ذلك فيحصل الانفصال الاجتماعي بين الاسر وكأنه طلاق اجتماعي. الآثار السلبية ليست على الزوجين فقط، إنما الضرر الأكبر على الأبناء. الخاسر الأكبر في هذا الطلاق ليس الزوج ولا الزوجة، إنما هم الأبناء الذين حرموا من العيش في بيت واحد تحت ظل أم وأب. يتسبب الطلاق في فوضى اجتماعية، فالذين لديهم أطفال يتعين عليهم دفع ضريبة طلاق. هناك من يلقي اللوم على الزوج، وآخرون يتهمون الزوجة، في الحقيقة كلنا عيوب، لا يوجد شخص كامل على هذه البسيطة خال من العيوب، ولكن الحياة تستمر بالتنازل تارة، وبغض الطرف تارة أخرى. لا يمكنك الاستهانة أبدا بمدى صدمة الطلاق بالنسبة للأطفال، وهناك اوقات كثيرة يحتاج الابناء لوجود الاب بجانبهم، أولئك الذين تعرضوا للطلاق يعرفون الألم والتحديات الخاصة لتربية الطفل في ظل هذه الظروف. في نظري تندرج أسباب الطلاق الى عدم التزم أحد الطرفين بالحقوق والواجبات، وحتى التقصير بها، والتعنت والعناد بينهما، يصل الى طريق اللارجعة، بالرغم أنه بقليل من التنازلات بينهما تسير الحياة الأسرية. عندما يفقد الزواج وروح الأسرة عظمتها وقيمتها، وينسى أحدهما أنهما كانا معا، عندها تبدأ سلسلة الدخول الى المحاكم للحصول على حقها ودروب القضايا والاستئناف. مع ان الحلول بسيطة جدا، وضع النقاط على الحروف، فتربية الابناء في بيئة مناسبة يتعلمون فيها الحقوق والواجبات، وليس كل ما نراه حقيقة، سواء في المسلسلات او في وسائل التواصل الاجتماعي أن الحياة هي سفر وحرية ومقاهٍ فقط. قبل الشروع في الطلاق ومراعاة وجود الأبناء الذين سيعانون من ابتعاد أحد الوالدين عنهم، في وقت أشد الحاجة له سواء نفسية مادية وتربوية، وفي أحيان كثيرة يحرم الأب من رؤية أبنائه نكاية به، لأنه لم يوفر كل مطالب الزوجة المادية. ان الحياة الزوجية تفاهم وود ومشاركة الطرفين «في الحلوة والمرة» الحياة الزوجية عطاء متبادل. تعاون الجميع في المحافظة على كيان الأسرة بقدر المستطاع وترك تفكير الزوجين بأنفسهما فقط وبأنانية دون النظر الى الأبناء. الدخول في دورات ترفع الكفاءة في الحياة الزوجية، أمر مهم لبناء حياة اسرية سليمة وكيفية التعامل بين الطرفين بحسب منهاج النبوة، واستشارة العقلاء من الاسرتين للحفاظ على بناء الاسرة. أضف لذلك تضافر الجهود في الدولة، والتثقيف الأسري والتربوي، ومشاركة التعليم في ابراز أهمية الأسرة والترابط الأسري كمناهج مدروسة في كل المراحل. وتصحيح الأفكار المغلوطة التي باتت منتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي. من المهم أيضا أن يتضمن فحص الزواج بنود أخرى جديدة مهمة كفحص من بعض الامراض النفسية، وإضافة فحص تعاطي المخدرات. المسؤولية يتحملها الطرفان والكثير من مشاكل الزوجين لها حلول كثيرة، ولكن الإصرار على طلب الطلاق لأسباب تافهة جدا. في الطلاق الكل يعاني، الطلاق ليس حلاً، انما هو فك الارتباط، أبغض الحلال. ختاما الطلاق هو أحد أكثر أحداث الحياة إرهاقًا التي يمر بها أي شخص. كل هذا وبيني وبينكم.