17 سبتمبر 2025
تسجيلكتبت سابقاً عن طريقة عبادة الله.. وعن مكمن وسر العبادة الكاملة في الصلاة.. ففي الأول والأخير.. خلقنا الله لنعبده، كما في الآية: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(٥٦:سورة الذاريات). ولكن ماذا عن حب الله؟ هل هو لازم كما العبادة؟ و هل هو مرتبط بها أم منفصل عنها؟ يتضح من القرآن الكريم والسنة النبوية بأن حب الله لازم وواجب على كل مؤمن، حيث إنه جزء لا يتجزأ من العبادة، ومرتبط بها. وقد قال الله تعالى في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)(٥٤). فمن يؤمن، يحب الله ولا توجد محبة أعلى وأسمى من محبة الله، كما قال الله تعالى في سورة البقرة: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله)(١٦٥). والله يبادلنا هذا الحب، كما في سورة آل عمران: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(31). بل وأكثر من ذلك، فحب الله للمؤمن أعظم وأكبر من أي محبة قد يختبرها الانسان في الحياة الدنيا، وهي أكبر من محبة العاشق لمعشوقه وأعظم حتى من حب الأم لولدها كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام. الحديث عن محبة الله مهمة.. لأنها حديث عن العبادة أيضاً. فمحبة المؤمن لربه، تبدأ عن طريق ممارسته للعبادات، أي أركان الإسلام، من الشهادة وحتى حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.. وهو حب كباقي أنواع الحب.. يبدأ ولا ينتهي، ولكن يصغر أو يكبر بالأفعال. ومحبة الله تكبر وتتوسع بممارسة العبادات والنوافل وفعل الخيرات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه». ولذلك نحب الله.. لأنه جزء من عبادتنا له سبحانه وتعالى.. ونحن نحب الله عز وجل أكثر عبر التأمل في خلقه وعن طريق كثر ذكره، وقراءة القرآن وتدبره والعمل على فهمه، ومحاولة فعل الخير كي يرضى علينا. بالإضافة إلى الدعاء له في كل حين، والخشوع في الصلاة، وكثرة فعل الأعمال المستحبة، والابتعاد عن الأعمال المكروهة. كما أن محبة نبي الله عليه الصلاة والسلام طريق أيضاً لمحبة الله عز وجل. عندما نحب الله.. يحبنا الله.. ويبسط علينا رحمته و غفرانه.. ويسهل لنا أمورنا و شؤونا، وتصبح حياتنا أسهل وأجمل، فنكسب الدنيا والآخرة. ومن غير الله يستحق جُل الحب وأعظمه؟ لا أحد. و في هذا قال الغزالي: "كل ذي بصيرة يعلم أنه لا محبةً حقيقيةً إلا لله، ولا أحد يستحق المحبة إلا هو".