10 سبتمبر 2025
تسجيلكل ما يكون منا ونُصرح به في مرحلة أخيرة، يسبقها الكثير من محاولات ضبط محتواها، ومنعه من السفر إلى العالم الخارجي، هو كل ما يشغلنا وننشغل به لفترة من الزمن نحاول خلالها بذل قصارى جهدنا في سبيل التحفظ عليه، وعدم الكشف عنه، والحق أننا في أفضل الحالات نتمكن من فعل ذلك، إلا أنه ما لا نستطيع المداومة عليه أو حتى الالتزام به وإن طالت مدة تحفظنا عليه، وذلك لأن نية خروجه من الأعماق قائمة لا محالة، وصامدة رغم أنف الظروف القاسية المتكفلة بإيقافها عند حدها، ومن ثم ذاك المحتوى الذي نتحدث عنه، فهو ذاك المتعهد بالخروج وبأي شكلٍ من الأشكال؛ ليتوسط السطح ويُعرف عن نفسه كما يحب، فيلقفه المتلقي الذي يدرك كيفية التعامل معه كما يجب، وبين ما كان وما سيكون سترقد الحقيقة بسلام كما نأمل، وهذه الأخيرة هي تلك التي شغلتني وأصرت على أن تكون رغماً عني، ومنها: 1 — الحقيقة التي تتعلق بوضع المسرح، وجاءت ضمن مقال الفنان فهد الباكر تحت عنوان (هل نحن بحاجة إلى نقاد لنقد النقاد لكي تستقيم الأمور؟)؛ كي تُلخص حقائق أخرى لمست فيها حُرقة الفنان المهموم، وخوفه من تأثير الوضع الراهن على (مستقبل المسرح)، الذي يشغلني أنا أيضاً، وأردت دعمه بإضافة بسيطة (أعرف تمام المعرفة) أنها ستتقلب بين مؤيد ومفند، وأعرف أيضاً أني سأسلط الضوء عليها بدلاً من تركها عالقة في قلبي المتورم إلى حدٍ (ما) وهي: أن المهمة التي تقع على عاتق الناقد ويجدر به الالتزام بها تُصحح العمل المسرحي، بنية تحسينه وإصلاح ما يستحق ذلك؛ ليرتقي ومن بعد حتى يصل لأعلى مراتب الإبداع، فهو (والحديث عن العمل المسرحي) وإن لم يخضع لنقد تحليلي سليم يُبنى على أسس أكاديمية بعيدة كل البعد عن ميل القلوب وما تهواه النفوس، فلن يتمكن من مغادرة حدود ذاك الإطار الذي يُحيط به ويفرض عليه البقاء حيث هو، بل سيظل في مكانه دون أن يلحق بما يمكن أن يُضيف له، أو ما يمكن أن يُضفي عليه رونقاً يُميزه عن غيره من الأعمال المسرحية، التي سبق لها أن قُدمت وأدركت مكانتها، بفضل كل ما قد تقدمت به من جهود سترفعها في أحسن الحالات وستضعها جانباً في أسوأ الحالات، التي ستنتهي بعدم تذكر المتلقي لحقيقة أنها قد اعتلت الخشبة في يومٍ من الأيام، والحق أن كل ما قد ذُكر هو كل ما يسبق اعتلاء العمل لـ (خشبة المسرح)، التي تنصهر على ظهرها كل تلك الخلافات بعد أن تُخفي معالمها؛ كي تضمن نجاح العمل، وتقدم تحفة فنية رائعة للمتلقي، الذي لا ولن يُلقي بالاً إلا لذاك الذي يقُدم له، ويُعرض عليه، فما يحدث خلف الكواليس لا يعنيه، ولكنه يعني من يجدر به التفكير بكيفية تحسين عمله وتطويره؛ ليُقدم بشكلٍ يليق به فعلاً، ويتضمن العديد من المراحل التي تبدأ من الكاتب، الذي يتوجب عليه تقديم كل ما لديه؛ مروراً بغيره ممن تتوزع عليهم الأدوار التي تعود ومن جديد إلى الكاتب، الذي تقع على عاتقه مهمة الانتقال لمرحلة جديدة تُظهر مدى تمكنه من صنعته، بل وإتقانه لكل ما يفعله على خير وجه، دون أن يغفل أدوار غيره ممن ساعدوه على تقديم العمل، ودور الناقد الذي يُساعده على تحسينه وتقديمه بصورة أفضل فيما بعد، خاصة وأن للناقد القدرة الواسعة على تقديم المساعدة المتكفلة بتحقيق ذلك، متى سارت الأمور في الاتجاه الصحيح، ونحو الهدف المناسب، الذي يضمن تقديم أرقى الأعمال (لا) تلك التي تنزلق عند رغبة (البعض) فينزلق معها كل من يمكن بأن يُحسب على فريق العمل. 2 — ما تبثه (بعض القنوات الفضائية المسمومة) من تضليل لا يرجو إلا التضليل، الذي يمدنا بأخبار منسلخة عن الواقع، ولا تقربه بأي شكلٍ من الأشكال، لأغراض مختلفة تنصب في قالب واحد ألا وهو (قالب المصالح الشخصية) التي لا يُغطي تكاليفها ويُسدد فاتورتها سواه المتلقي العاجز عن فعل أي شيء سوى تلقي ومن ثم تقبل كل ما يُفرض عليه وإن كان منافياً للعقل؛ ليتحول ومن بعد لدمية تُحركها تلك القنوات كما تريد ودون أن تجد منه مقاومة تُذكر، لابد وأن تكون منه في سبيل كشف الحقائق، التي تعينه على تمييز الصواب من الخطأ؛ كي يتمكن من اتخاذ القرار المناسب وكما يجدر بأن يكون منه. المُرسل من يُرسل والمتلقي من يتلقى (تختلف الأدوار بحسب ما تفرضه المواقف) حقيقة تُبرر لك تقلب وجه الأدوار المختلفة التي تُسند إليك؛ كي تتقبلها، وبما أني من يُرسل في هذه اللحظات؛ لأكون بذلك (المرسل)، فلاشك بأنك ستتلقى ما أرسله لك كونك المتلقي، الذي يجدر به الأخذ بما سأختم به: كن كل ما يُعينك على إدراك ما يُقدم لك، ولا تقبل به كما هو، بل تفحصه جيداً، وتعرف على حقيقته؛ كي تتأكد منها ومنه، فتكون على معرفة جيدة بما تستقبله؛ لتقرر ومن بعد تقبله من عدمه. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]