18 سبتمبر 2025

تسجيل

تعزيز نجاح جهود تنويع الاقتصاد القطري

02 أغسطس 2015

ترسم الإحصاءات الرسمية المنشورة حديثا صورة إيجابية بخصوص المؤشرات الاقتصادية المهمة للاقتصاد القطري مثل تعزيز التنويع الاقتصادي وغياب البطالة الأمر الذي يعكس صواب السياسات والخيارات الاقتصادية المتباينة. المصدر الرئيسي للأرقام الواردة في المقال هو وزارة التخطيط التنموي والإحصاء وتحديدا نشرة الحسابات القومية لعام 2015، مع إضافات من مصادر أخرى مثل المنتدى الاقتصادي العالمي. تتميز الجهة الرسمية في قطر بنشرها إحصاءات بصورة منتظمة، طبعا مع التركيز على التطورات الإيجابية. باختصار، تعد ظاهرة عدم وجود بطالة في أوساط المواطنين فضلا عن غياب الضغوط التضخمية في الوقت الحاضر من الأمور المتفق عليها لدى مختلف المصادر المستقلة مثل صندوق النقد الدولي. من جملة الأمور، تشير الأرقام الرسمية إلى أن متوسط البطالة مجرد 0.2 بالمائة، وهو أمر محدود بل غير عادي وفقا للمعايير العالمية. يتماشى هذا الرقم مع نتائج دراسة منشورة نهاية 2014 بواسطة المنتدى الاقتصادي العالمي حول البطالة في الدول العربية. فقد اعتبرت الدارسة بأن معدل البطالة في قطر عبارة عن 0.6 بالمائة أي الأدنى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي فضلا عن العالم العربي. وحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، يرتفع معدل البطالة إلى 1.7 بالمائة في أوساط الشباب لكن لا يدعو هذا الأمر للقلق قياسا بالمعدلات السائدة في أماكن أخرى من العالم. في المقابل، تعاني بعض دول مجلس التعاون فضلا عن عدد غير قليل من الأقطار العربية من معضلة البطالة. تبلغ نسبة البطالة في عمان نحو 8 بالمائة أي الأعلى في المنظومة الخليجية. كما كشفت تجربة أحداث الربيع العربي بأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة خصوصا ظاهرة انتشار البطالة في أوساط الشباب أسهمت في تأجيج الاضطرابات التي طالت بعض الدول العربية مثل تونس ومصر والمطالبة بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية. يتكون معدل البطالة من رقمين في بعض الدول العربية مثل مصر خصوصا في أوساط الشباب. وفيما يخص التنويع الاقتصادي، تشير الإحصاءات إلى أن حصة القطاعات غير النفطية شكلت 62 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 ما يعني حصول تحسن نوعي في عملية التنويع الاقتصادي. وكانت القطاعات غير النفطية قد أسهمت قرابة 55 بالمائة للناتج الإجمالي قبل أربع سنوات. يوجد منطق قوي لهذا التغيير المادي بما في ذلك الاستثمارات الحكومية على مختلف المشاريع التنموية خصوصا تلك التي لها علاقة باستضافة قطر لكأس العالم 2022. سبب آخر وراء الأهمية المتزايدة للقطاعات غير النفطية يكمن في انخفاض أسعار النفط منذ يونيو 2014 وتأثير ذلك على قيمة قطاع النفط والغاز في هيكلية الناتج المحلي الإجمالي. على صعيد آخر، تشير الإحصاءات الرسمية بأن العدد الكلي للسكان بلغ 2.34 مليون نسمة، حيث يشكل الأجانب قرابة 87 بالمائة من المجموع. حقيقة القول، يوجد تمثيل لافت في قطر لمواطنين من قارة آسيا مثل الهند والفلبين والنيبال. يعمل في قطر نحو نصف مليون مواطن هندي. كما تحل قطر في المرتبة الخامسة على مستوى العالم بالنسبة للعمالة الفلبينية المغادرة بعد السعودية والإمارات وسنغافورة والكويت. يشكل انفتاح الاقتصاد مصدر قوة، حيث تساهم القوى العاملة الأجنبية في تنفيذ مشاريع تنموية خصوصا تلك لها علاقة بتطوير البنية التحتية. يكمن الصواب بفتح الاقتصاد المحلي أمام القوى العاملة الأجنبية أينما كان ممكنا عملا بمبدأ تعميم الخير، كل ذلك في ظل غياب معضلة البطالة في أوساط المواطنين الراغبين في العمل. أيضا تكشف الإحصاءات الرسمية بأن الذكور يشكلون ثلاثة أرباع مجموع السكان في قطر ما يعد أمرا غير طبيعي بطبيعة الحال. تؤكد هذه الحقيقة بأن النسبة الأكبر من فرص العمل المتوافرة للأجانب تذهب لصالح الذكور نظرا لارتباط كثير من فرص العمل بقطاع البناء والتشييد. ينطبق هذا الأمر بالضرورة على العمالة الوافدة من الهند. في المقابل، يلاحظ وجود دور واضح للإناث فيما يتعلق بالعمالة الفلبينية. وفي الإطار نفسه، أمر لافت ضخامة مستوى المشاركة في القوى العاملة قياسا بالمستويات السائدة في العالم. ينتظم قرابة 1.7 مليون شخص في القوى العاملة وهو رقم ضخم بالنسبة لحجم السكان. والأهم من ذلك، تبلغ نسبة مشاركة العمالة المشاركة في القوى العاملة لأولئك من 15 سنة فما فوق قرابة 88 بالمائة من مجموع القوى العاملة. بكل تأكيد، يعود الأمر للتواجد الضخم المشار إليه سلفا للعمالة الأجنبية بالنسبة لمجموع القوى العاملة والسكان. مما لا شك فيه، يكمن سبب جوهري لمجيء الوافد الأجنبي إلى قطر الحصول على وظيفة يكتسب منها لقمة العيش لنفسه وأفراد أسرته وعائلته. تعد ضخامة نسبة المشاركة في القوى العاملة في قطر أعلى من المتوسط السائد في منظومة مجلس التعاون فضلا عن الدول الصناعية الرئيسية. فوفقا للبنك الدولي، تقف معدلات المشاركة في سوق العمل بالنسبة للبلدان الأخرى مجلس التعاون الخليجي على النحو التالي: الإمارات 80 بالمائة، البحرين 72 المائة، الكويت 70 بالمائة، عمان 67 بالمائة، والسعودية 57 بالمائة. على الصعيد العالمي، تبلغ نسب المشاركة للقوى العاملة في الولايات المتحدة، وألمانيا، واليابان نحو 72 بالمائة، 77 بالمائة و75 بالمائة على التوالي أي أقل من قطر. مؤكدا، تتراجع نسب مشاركة القوى العاملة بشكل نوعي في حال اقتصر الأمر على العمالة المحلية. أخيراً وليس آخراً، لم يعبر متوسط التضخم في قطر في عام 2014 عن حاجز 3 بالمائة ما يعني بأن التضخم تحت السيطرة. بالعودة للوراء، خاض الاقتصاد القطري تجربة التضخم من رقمين ما بين 2007 و2008. في المحصلة، يمر الاقتصاد القطري بظروف حسنة بدليل النتائج المسجلة رغم هبوط أسعار النفط لنحو النصف في بعض الفترات منذ صيف 2014.