15 سبتمبر 2025
تسجيللطالما كان تقبل الآخر بدينه ومعتقداته وقناعاته وبكل ما يشكل شخصه وكيانه سبباً للرقي والتقدم والقدرة على الاستيعاب ومن ثم التأثير الإيجابي على الآخرين. لقد بنيت حضارات كثيرة ودول على التنوع والتشكل والتعاطي بين جنسيات وفئات مختلفة قدر لها أن تتواجد بأماكن متقاربة تختلط ببعضها البعض وتتعامل يومياً مع بعضها البعض بسلاسة وبأسلوب حضاري يساعد على إثراء تلك المساحة بكل ماتحويه من اختلاف وامتزاج وتنوع. وشاء الله أن تتواجد على مساحة واحدة فئات ربما جمعها دين واحد ولكن فرقتها قناعات مختلفة ومعتقدات جعلت من تعايشها مع بعضها البعض ضرباً من المستحيل، وذلك لأنه بالرغم من إتساع الأفق إلا أن فضاءات العقول ضيقة وغير قادرة على استيعاب تلك الاختلافات البسيطة والتي قد لا تشاهد بالعين المجردة، أي قد تحتاج لمكبراتهم المصنعة لرؤية تلك الفروقات، والأهم من ذلك أن كل واحد منهم متمسك برأيه تمسكاً أعمى بحيث لا يقبل نقاشاً ولا نصحاً ولا اقتراحاً من شأنه أن يزحزح قناعاته عن أرضها اليابسة، أو يقرب بين وجهو نظرة وبين الآراء الأخرى، وهنا تكمن الكارثة. إن أرقى العقول هي تلك التي تتقبل الآخرين كما هم وتحاول أن تنظر للأمور بمنظار حيادي لا يعتمد فقط على رصيد المعلومات المتراكمة فيه، وإنما تحاول أن تنظر ببصيرة متفتحة لحقائق الأمور ومتغيراتها والمعطيات المطروحة والآراء التي أفرزها الوقت وجادت بها البصائر الأخرى. لقد أصبحنا نرى ونسمع للأسف رجالاً يدعون أنهم رجال دين وآخرون يزعمون أنهم رجال سياسة، ولكنهم بتعنتهم بآرائهم المحدودة وربما المغلوطة يدفعون شعوبهم ومتبعيهم للهاوية والفرقة دون أن يدركوا فداحة مواقفهم وأفكارهم المكبلة، وعدم تعاطيهم مع الآخرين.. بالرغم من أنه كان بإمكانهم أن يفتحو عقولهم وقلوبهم ليكونوا معاً كيانا واحداً.. حين يؤمنون حقاً بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.