16 سبتمبر 2025

تسجيل

طائرة مختطفة

02 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شبه أحد المفكرين الإسلاميين أوضاعنا العربية التي تعيشها المنطقة الآن بحال ركاب في طائرة مختطفة، وهذا التشبيه -كما ترى- فيه قدر غير قليل من دقة الوصف وبراعة التصوير، ذلك لأن الجماعة التي تعيش منقادة لإرادة عصابة من عصابات السطو المسلح، تهدد وجودها وتنهب ممتلكاتها وتملأ قلبها خوفا ووجلا، لا تفرق كثيرا عن حال أؤلئك الركاب البؤساء الذين يجهلون مصيرهم ولا يملكون من أمرهم شيئا.إن ارتهان الأمة في توجهها وقرارها لما تلميه عليها عصابات القوى الدولية المتنفذة يمثل بلا شك حالة من حالات الاختطاف، وإذا جاز فيما مضى أن تخضع أمة لأمة بسبب قوة سلاحها وجيوشها وبارودها! وأن يتنكر قوم من الضعفاء على الحق بحجة الخوف من أن يتخطفهم عدو قاهر (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا)، فإن زماننا هذا لم يعد بذاك الزمان الذي تنعدم فيه فرص المكافأة أو تكاد، ذلك لأننا بالتجربة العملية رأينا أن إمكانية المقاومة وفرصها متاحة أمام الأمم والشعوب الجادة من مختلف الأعراق، وخير شاهد على ذلك في حالتنا الإسلامية تجربة المقاومة في أرض فلسطين هذه التجربة المباركة التي استطاعت أن تفرض إرادتها أمام الترسانة الإسرائيلية المدججة بالسلاح، وأن تبتدع بفضل صمودها وإصرارها على حقها أنواعا من أساليب المواجهة والمقاومة، طورت من خلالها كثيرا من أدوات فعلها العسكري والسياسي تجاوزت بها كل مرارات الاستسلام المهين.إن مشاريع الهيمنة الإمبرالية الأميركية على العالم ليست بالأمر القدري الذي لايملك له الناس دفعا فهي مشاريع قابلة للتفكيك والاجهاض بل الزوال، وحتى نصل إلى هذه الغاية المرجوة نحتاج إلى أن تتجاوز الأمة في مجموعها حالة الاختطاف التي تتعرض لها على كافة المستويات، ولعل من أضر هذه المستويات الاختطاف الفكري الذي يتمثل في مظاهر كثيرة منها غياب المرجعية الفكرية التي تنطلق من الرؤية الإسلامية، حيث لم تعد كيانات الأمة وأحزابها متفقة على مرجعية موحدة تعدد في إطارها الرؤى والأفكار، ولذلك كثرت في بلادنا العربية والإسلامية الحلول المستوردة ومشاريع النهضة التي أنتجت في بيئات أخرى فأردنا أن نستنبتها في بلادنا وأن نغرسها في أرضنا وحدث ذلك فعلا ولكننا لم نحصد منها إلا الهشيم، وزادت حالات التنازع والقطيعة بين أبناء الأمة الواحدة بسبب تعدد المرجعيات واختلاف الصيحات.ومن مظاهر الاختطاف الفكري في عالمنا العربي الإسلامي الاتجاه الماكر لصناعة رموز فكرية تفتح لها المجالات وتمنح ما شاءت من ألقاب وتقلد أرفع المناصب في مقابل محاولات التعمية وسد المنافذ أمام اصحاب الفكر المقاوم، وهذا الأسلوب كان له تأثير بالغ في وجود نخبة عريضة من المثقفين المختطفين استطاعت بالوكالة أن تفسد هذا الوسط النخبوي فسادا بلغ درجة المجاهرة بعداوة الدين وكل ما يتصل بميراث هذه الأمة ومقومات وجودها، ولكن شاء الله لهذه الرموز المصطنعة أن تفتضح فكريا وأن تحاصر شعبيا لتجد نفسها في نهاية الأمر مضطرة أن تجامل التيار العام في الأمة بكلمات تحفظ لها شيئا من المكانة المفقودة. وما أحسب أن نوايا الغرب في صناعة الرموز المختطفة من السهل عليها أن تتقبل هذه النتيجية التي وصلت إليها جهودها المتراكمة، ولكنها كما هو ملاحظ اليوم ستبحث لها عن مجموعات من الثقات الذين لا يشَك في إخلاصهم، لتمرر عبرهم بعض مشاريعها وتخدعهم بقضايا ظاهرها خدمة مشروع الإسلام الحضاري!وباطنها تثبيت منطلقات الهيمنة الإمبريالية في منطقتنا مثل قضايا حقوق الأقليات والتعددية الثقافية ومكانة المرأة ومحاربة الإرهاب ونشر الاعتدال وهذا ما نحذره ونخشى على ثقاتنا من أن يكونوا ضحاياه.