14 سبتمبر 2025

تسجيل

صناعة البطريرك!

02 يوليو 2014

ما هي مسببات البلاء الذي يعيشه العرب في عالمهم؟ كيف تتحول هذه الكتلة البشرية من نقيض إلى آخر في طرفة عين؟ كيف تستطيع العيش في كل هذه التناقضات ولا تنهض لتغير واقعها؟ وعندما تفعل وتنجح تسعى إلى العودة إلى ما كانت عليه في السابق؟! كيف تتحكم ثقافة القطيع والإتباع والخضوع والطاعة على هؤلاء ولا تهزها حتى الزلازل والبراكين والثورات! وكيف يستطيعون إعادة صناعة الديكتاتور كلما نقص العدد في دول عربية؟! الديكتاتورية وصناعة الديكتاتور والبطريرك و النظام البطريركي أصبحت ثقافة عربية بامتياز وحضنا دافئا يخرج من رحمة الطغاة والمستبدين والفرعون الجبار والزعيم المخلص والقائد الملهم، وهي التي تعيد الى ذاكرتنا ما كتبه الروائي الكولومبي العالمي جابرييل جارسيا ماركيز في رواية "خريف البطريرك" والذي رحل عن عالمنا قبل مدة قصيرة!واقع المجتمع العربي وثقافته اليوم تشكك في قيم الحرية والعدالة، وتصف الديمقراطية بأنها ضلال وفساد، وإنها ستأتي بالجماعات المتطرفة لذلك يجب محاربتها وإجهاضها، لا التعامل معها وتعزيزها وزيادة جرعاتها؟! والشعوب العربية محبطة ويائسة وهي تربت على عبادة الدكتاتورية وتقبلها من البيت إلى الشارع، إلى المدرسة إلى مؤسسات المجتمع والدولة، المقولة يجسدها الشعر العربي في أبها صوره الشاعر الاندلسى ابن هانئ في مدحه الخليفة بأبيات تقارب بينه وبين الآلهة أو الرسل المبعوثين قائلا "ماشئتَ لا ما شاءت الأقدار / فاحكم فأنت الواحد القهارُ / وكأنما أنت النبى محمدٌ / وكأنما أنصارك الأنصار؟! وهو البيت الذي استشهد فيه احد الصحفيين المصريين لتمجيد الرئيس القادم ما دعاني إلى تذكر حادثة سابقة بطلها الرئيس السابق المعزول، والذي قامت الأقلام بتمجيده وتصويره على انه النبي يوسف الذي خرج من السجن ليصبح عزيز مصر. وكان وراءها الداعية الشهير الذي قام بتقبيل يد الرئيس أمام الجموع في ميدان التحرير، كما كان التعظيم للرئيس الأسبق اكبر وأعظم واستمر إلى ما يتجاوز ربع قرن وصولا إلى ثورة ميدان التحرير لكي تعود للمربع الأول بجدارة واستحقاق. وقبلها كان الزعيم" آخر الأنبياء العرب" كما وصفه الشاعر السوري نزار قبانى. إن كل ما يفعله هؤلاء وغيرهم في الدول العميقة هو التمهيد لصناعة ديكتاتور جديد يناسب طبيعة كل مرحلة في العالم العربي؟!