11 سبتمبر 2025

تسجيل

النظام العربي والقضية الفلسطينية... بعد طوفان الأقصى!!

02 يونيو 2024

شاركت في منتدى الجزيرة السنوي الخامس عشر الذي استضافه مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة الأسبوع الماضي. أقتبس من تعريف المنتدى بتصرف: «لم يبلغ الموقف العربي في علاقته بالقضية الفلسطينية من الضعف والسلبية وانعدام الوزن ما بلغه أثناء الحرب الأخيرة على غزة.. ولم تفلح اتفاقيات السلام المنفردة ومساعي التطبيع التي نشطت في السنوات الأخيرة في تغيير هذه المعادلة تغييرا جذريا أو إدماج إسرائيل في محيطها واعتبارها مكونا طبيعيا من مكوناته». رصدنا وناقشنا في جلستنا تحولات المواقف العربية من القضية الفلسطينية بين الانخراط الكامل والوساطة الحذرة والتعاون مع إسرائيل، وأسباب تلك التحولات، وبحثنا في رهاناتها وآثارها على مستقبل الصراع». أكدت في ورقتي للأسف لا يمكننا الحديث عن موقف عربي جماعي تجاه القضية الفلسطينية وحتى في المقاربات والتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي على مدى قرن ضد الشعب الفلسطيني وما يُعرف ب»دول الطوق»-بعد تطبيع مصر والأردن مع الاحتلال الإسرائيلي. وكرّت السبحة في صفقة القرن والاتفاق الإبراهيمي عام 2020 برعاية ترامب عرّاب الاتفاق. استبدل ما يُعرف «بمحور المقاومة تكتل دول وتنظيمات مسلحة بقيادة الحرس الثوري الإيراني: بعضوية النظام السوري وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي ومليشيات عراقية ضمن الحشد الشعبي والحوثيين في اليمن»-دول الطوق». والملفت قيادة وتحكم ذلك التحالف بمجريات النظام العربي اليوم، وليست الدول المركزية العربية. فكتائب القسام-الذراع العسكري لحماس هي من أطلقت عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر التي أعادت القضية الفلسطينية للصدارة بعد تهميشها وإخراجها من المشهد العربي برمته. وزاد المطبعون العرب تهميشها بتقديم التطبيع دون تحقيق إنجازات حقيقية للفلسطينيين. ما ساهم بإضعاف النظام والإجماع العربي وفقدان بوصلته. خاصة بعد مخالفة إجماع القمة العربية في بيروت عام 2002 بتبني المبادرة العربية للسلام بعدما كانت سعودية: «الأرض مقابل السلام»-»والتطبيع العربي الكامل-مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل» من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس والضفة الغربية والجولان السوري المحتل وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»-ردت إسرائيل بنسف المبادرة العربية واجتاح شارون مخيم جنين وعاث قتلاً وتنكيلاً قبل أن يجف حبر المبادرة العربية-بمعادلة: السلام مقابل السلام، ولا تنازل عن الأراضي ولا عودة لحدود 4 يونيو 1967. أكدت في ورقتي في منتدى الجزيرة «لا يوجد موقف عربي واحد يدفع لوقف حرب غزة الدامية. للأسف لدينا مواقف تتراوح بين مترددين ومراقبين ومطبعين ووسطاء، مجتمعين يعجزون عن وقف حمامات الدم والإبادة المفتوحة. لذلك الموقف العربي تائهاً ومرتبكاً وغير متسق وحتى متناقض. ويبدو النظام العربي اليوم مترهلا وفاقدا للبوصلة وبلا قيادة. برزت تجليات ذلك بعجز النظام العربي في التأثير على مجريات حرب إبادة إسرائيل على غزة. وبرغم قمتين عربية-إسلامية في نوفمبر والقمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين والاتفاق على مؤتمر عالمي للدفع بمزيد من دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين والتأكيد على حل الدولتين. لكن الواقع المؤلم تمثل بعجز العرب عن إدخال شاحنة واحدة عبر معبر رفح العربي باتجاهين إلى غزة!. وفشلنا في كسر الحصار وإدخال قوافل المساعدات! والصادم مع تصاعد أتون حرب إبادة الصهاينة الوحشية بدعم وشراكة كاملة من إدارة بايدن-الذي بدأ ينقلب ويبتعد عن مواقف نتيناهو وحكومته المتطرفة بمقترح لوقف الحرب وتبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة- بعد ارتكابها جرائم حرب وسبق اتهم إسرائيل بقصف عشوائي في غزة! والمثير للدهشة ضغط ودفع الرئيس بايدن وقيادات إدارته ومبعوثيه في زياراتهم المتكررة للمنطقة: وزير الخارجية بلنكين ومستشار الأمن الوطني سوليفان والمبعوث للشرق الأوسط ماكغوريك-للتطبيع بين السعودية وإسرائيل. بطمأنة السعودية بالتوقيع على معاهدة أمنية مُلزمة بالدفاع عن السعودية والمساعدة بتطوير برنامج نووي سلمي، والتعهد حسب المبادرة العربية للسلام بالعمل على مسار للالتزام بدولة فلسطينية بشكل جدي لا نكوص عنه. ولكن من يثق بنتنياهو واليمن المتطرف؟ وبمن باع وهم أوسلو على مدى 30 عاما ويفاخر أنه عطل اتفاق أوسلو ومنع قيام دولة فلسطينية ويوغل بالدم الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ويصادر الأراضي ويوسع المستوطنات ويطلق قطعان للمستوطنين للتنكيل بالفلسطينيين، واستباحة حقوقهم وأرضهم مع وزراء متطرفين يقتحمون باحات المسجد الأقصى. وبرغم الزلازل التي تضرب إسرائيل مؤخراً: بقرارين غير مسبوقين بطلب كريم خان مدعي عام محكمة الجنائية الدولية إلقاء القبض على نتنياهو ووزير دفاعه غالنت لمسؤوليتهم عن جرائم الحرب، وقرار محكمة العدل الدولية وقف فوري للحرب على رفح والسماح بدخول المساعدات. شن الصهاينة والجمهوريون في مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي حملة هجوم منسقة وغير مسبوقة على المحكمتين واتهموهما بالعداء للسامية. تلى ذلك اعتراف 4 دول أوروبية هي إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا بالدولة الفلسطينية، كان بمثابة ضربات مؤلمة لغطرسة وترهيب الصهاينة ضد منتقديهم بأنهم يعادون السامية ويدعمون الإرهاب ويكافئون حماس! نشهد اليوم مرحلة تاريخية غير مسبوقة-بسقوط السرديات والأساطير الصهيونية على مدى أكثر من قرن من التدليس ولعب دور الضحية «للديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والجيش الأكثر أخلاقية في العالم»!-لتفضح وتُسقط حرب إبادة الصهاينة الوحشية على غزة أقنعة الصهاينة وتُظهرهم على حقيقتهم السادية بقتل الأبرياء وحرق الأطفال وملاحقة النساء والشيوخ وتصفيتهم أمام مرأى ومسمع العالم. في سقوط أخلاقي للإنسانية وازدواجية معايير وقيم الغرب الداعم والممول لأوكرانيا ضحية عدوان واعتداء روسيا من جهة، والغرب المنقسم على نفسه بقيادة إدارة بايدن المتراجع عن مساندة عدوان إسرائيل ضد الضحايا الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي! وفي نفاق واستفزاز صارخ، يدعم الغرب الضحية في أوكرانيا والجلاد في فلسطين، دون اكتراث لموقف لملياري عربي ومسلم!