12 سبتمبر 2025

تسجيل

رجلُ القش والفُصامُ الحضاريُّ

02 يونيو 2020

يَحار الإنسان في الدوافع والأهداف للحملات الضارية على الإسلام كعقيدة، والهجمات على إنسانية وحضارة وتاريخ المسلمين. ليس لأنها جديدة، وإنما لأن القائمين بها، والمشرفين عليها، هم من المنسوبين للعروبة والإسلام، بل إنهم من بلاد لا قوة معنوية لها إلا بكونها إسلامية وعربية، كالسعودية ومصر. 1) مُغالطةُ رجل القش: وهي أسلوبٌ ونهجٌ يعتمد عليهما هؤلاء المنسوبون إلينا؛ حيث يختلقون قضيةً مكذوبةً زائفةً ضد الإسلام، ثم يستخدمونها في هجومهم عليه كحقيقة لا جدال فيها. فمثلاً، نجد خالد منتصر، في مصر، يقود حروباً شعواء ضد كل أمرٍ وشخصٍ لهما صلةٌ بالإسلام، ونراه لا يناقش أبداً خطايا وأخطاء الأنظمة السياسية في بلده ودول عربية أخرى، والتي أدت إلى تهميش المواطنين، وإفقارهم، وتشويه نفوسهم بحيث أصبحوا يعتقدون جازمين أن عبوديتهم وانعدام كرامتهم الوطنية هما أمران طبيعيان، وإنما يناقش قضايا ذات أبعاد إيمانية، محاولاً الإيحاء بأنها سبب التخلف والعنف. فيسخر من حق الإنسان المسلم في الإيمان الجازم بأن القرآن الكريم هو كلام الله الذي لا تشوبه شائبةٌ من ظلم أو قسوة. ويهاجم الأزهر لأنه ينشر الأفكار الإرهابية، وعندما نسأله عن تلك الأفكار؛ يشير إلى قضية ميراث المرأة في كتاب الله، ويأخذ في الهجوم على الإسلام الذي همَّش المرأة، وعطَّل طاقاتها ودورها في المجتمع والدولة. وإذا قلنا له إن ما تحصل عليه المرأة في الميراث هو أكثر مما يحصل عليه الرجل إلا في حالة واحدة هي أن يكون الورثة الوحيدون أبناءً وبنات للمُتوفَّى، وأن المرأة المسلمة كانت ولم تزل صاحبة دور ومكانة عظيمين منذ كان الصحابة يأخذون دينهم من أم المؤمنين؛ السيدة عائشة، رضي الله عنها، فلا يرد الحجة بالحجة، وإنما يهرب إلى قضية مُختَلَقة أخرى تتعلق بالحدود التي ستجعل الناس يمشون في الشوارع مقطوعي الأيدي والأرجل، فنرد عليه بأن ثقافته ضحلةٌ، لأن الحدود ليست هي الجانب الذي يقوم عليه النظامان السياسي والاجتماعي في الإسلام، وإنما هي زواجر لا يمكن تطبيقها إلا ضمن شروط مشددة حددها الفقهاء وعلماء القانون الجنائي المسلمون بحيث يصبح تطبيقها مستحيلاً، فيأخذ في تعيير المسلمين بظواهر وأعراف اجتماعية ناشئة عن الظلم والاستبداد، ولا صلة لها بالإسلام، ويعلو نعيقه بالباطل وسط تصفيق المتثاقفين الرابضين عند قوائم منضدة الحكام منتظرين الفُتات المتساقط منها. 2) الفُصام الحضاري: وهو ما نلاحظه بوضوح في السعودية، حيث إن المواطن السعودي، لا يخافُ أمراً قَدْرَ خوفه من اتهامه بأنه متدينٌ، ومدافعٌ عن القرآن الكريم والحديث النبوي، وملتزمٌ بقضية الأمة في فلسطين، ومناصر لقضايا المسلمين المحقة في الدنيا. إنه يعيش حالةً من الفُصام الحضاري الذي يجعله عاجزاً المواءمة بين ما يؤمن به والواقع الاستبدادي ذي المظهر العلماني المتطرف في عدائه للإسلام عقيدةً وحضارةً وتاريخاً. وهنا، تشتد الحملة على الإسلام، لأن هذا المواطنَ مُغيَّبٌ عن الواقع، وخائف على رزقه وأسرته، بسبب وقوعه تحت سطوة آلةٍ إعلاميةٍ هائلةٍ تُغذيه بمبادئ الدين الجديد القائمة على تقديس وليّ الأمر، والعنصرية الفارغة ضد الشقيق العربي والمسلم، والمحبة للكيان الصهيوني. بالإضافة لحالة الرعب التي يعيشها وهو يشاهد السجون مملوءةً بالعلماء الفاضلين، والمفكرين، وكل ذي رأي لا يرضى عنه وليُّ العهد، فيندفع للتطبيل لكل ناعقٍ ضد الإسلام، ولكل طاعنٍ في عقيدتنا، طلباً لرضا وليّ العهد ورويبضاته كتركي آل الشيخ وسعود القحطاني. وكمثال لهجوم بعض السعوديين على الإسلام، بتوجيهات عليا، ما شهدناه من إنكار قدسية المسجد الأقصى، بل وشتمه وشَتْمِ الشقيق الفلسطيني، واحتفالهم بذكرى قيام الكيان الصهيوني، والتذلل للصهاينة وسط صمت المشغولين بإصدار فتاوى بشرعية البارات الحلال، وبحق ولي الأمر في نَقْضِ الأمر النبوي بكراهية السكن في مدائن صالح، أو إقامة الحفلات فيها. كلمة أخيرة: حالة العداء للإسلام هي حالة سياسية تستهدف تبرير الاستبداد والتخلف الحضاري للأنظمة الحاكمة، وليست حالة منطقية يسعى أصحابها إلى إصلاحات حقيقية في الدول والمجتمعات. ولذلك، فإننا مطمئنون إلى أنها ستزول كغيمة صيف، ولن تترك إلا الصور الشائهة للذين قاموا بها. كاتب و إعلامي قطري الإيميل: [email protected]