18 سبتمبر 2025
تسجيلقرأت قصة واقعية رواها والد طفل معاق في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة، ألقى كلمته وطرح في خطابه السؤال التالي: حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان...لكن ابني "...." لا يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الآخرون الذين لا يعانون من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهمونها، فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟ وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.. وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها الآخرون من هم في نفس ظروف ابني.. ثم قص عليهم القصة التالية: مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول وسألني ابني "هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟ وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم. ولكني كأب كنت أعلم أنهم إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلونه رغم إعاقته واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته إن كان يمكن لابني أن يلعب معهم. ودار الولد ببصره، ثم قال يمكننا أن نعطيه المضرب، وتهادى إبني بمشيته المعوقة وكله فرح وحماس، وبدأ اللعب معهم في الجولة الأخيرة من المباراة التي كان فريقه مهزوماً فيها بفارق نقطة واحدة، وحين جاء دوره ليضرب الكرة تقدم منه لاعب الفريق الخصم وقد فهم مغزى الفريق الثاني من إشراك هذا الطفل المعاق بالمباراة، فقام بدوره بإلقاء الكرة بطريقة ضعيفة جداً وقريبة من إبني حتى يتمكن من ضربها، ومن ثم بدأ المشجعون جميعاً بالصراخ باسم إبني مشجعين إياه على الجري بين نقطة وأخرى حتى بلغ النقطة الرابعة بصعوبة وهو في قمة السعادة، وبدأ بالقفز والبكاء فرحاً بماحققه.. في ذلك اليوم -أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه- ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم. يقول الراوي متابعاً القصة: ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة، مما ملأني بالفرح وبقيت أتذكر حين رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم.. وحين قرأت هذه القصة المحزنة الرائعة تساءلت: ياترى كم واحدا منا يسأل نفسه أمام المواقف التي يتعرض لها في حياته اليومية إن كان سيقدم قبسة نور من الحب والإنسانية ويترك بصمته الإيجابية، أم سيترك الفرصة تضيع ويبقي الحياة حوله جافة وخالية من المشاعر والمواقف النبيلة؟. أظن أن الكثير منا لايكترث لكونه بين خيارين، ويتجاهل أن الحياة ماهي إلا مجموعة من الفرص التي يمكنها أن تصنعنا وتصنع تفاصيل السعادة أو التعاسة لمن حولنا.