11 سبتمبر 2025

تسجيل

بين العلم والتفريط!

02 مارس 2021

إن من حقي أن أشتكي على والديّ عند إهانتي أو التجرؤ على ضربي! القائل: مراهق! لقد كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن المدارس الأجنبية الخاصة، والتطلع اللامحدود إلى أفق تعلم غربي الهوية وسعي العائلات إلى تعليم أبنائهم لتلك اللغة الأجنبية وتأسيسهم عليها!. بدأ التعليم في دولة قطر فيما يُسمى بالكتاتيب والمطوع والمُلا، فقد كانت الركيزة الأساسية للنشأة في ذلك الوقت في تعلم العلوم الشرعية والمحافظة على الهوية الوطنية والثقافية والاهتمام باللغة العربية واللهجة القطرية والتقاليد المجتمعية، ووفقاً لذلك فقد أخرجت تلك الكتاتيب جيلاً محافظاً على هويته، معتزاً بثقافته العربية الإسلامية، متمسكاً بدينه، متربياً على القيم الأخلاقية، فعندما نعود لقراءة الكتب والمُجلدات السابقة والدواوين الشعرية التي تُدرس نجد أن مؤلفيها ومُلقيها قد امتزج لديهم العلم بروح دينية وأخلاقية. حيث إن غالب أشعار أجدادنا تبدأ بالدعاء لله سبحانه وتعالى، وهناك من مزج الشعر بالصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام، أو جعل ختام قصيدته بالصلاة عليه وما أجمله من ختام!. فهُنا نجد غرس المبادئ ووضوح النشأة الدينية في آبائنا وأجدادنا ووصول الراحة النفسية إلى القارئ عند قراءة أشعارهم وكلماتهم وهذه بلا شك ثمار تعليم أُسس في جيل ربط العلم بالدين بالهوية وهو ارتباط يبني مجتمعاً مثقفاً متعلماً معتزاً بهويته العربية الإسلامية. هذا النوع من التعليم هو الذي أسس ذلك الجيل وهو الجيل الذي على أكتافه أُسست هذه الدولة، لنصل بعدها إلى مرحلة التعليم الحكومي والذي أُنشئ أبناؤه على العلوم الشرعية واللغة العربية وتقدير التقاليد وحفظها واحترام الوالدين، والقيام بحقوقهما وواجباتهما، وهذا هو الجيل الذي يقود البلاد في وقتنا الحالي، لنصل إلى ظهور المدارس الأجنبية والتي تتواجد في وقتنا الحاضر وظهور بعض السلوكيات التي قد تكون المدارس الأجنبية أحد أسبابها. إن ما نراه اليوم في المدارس الأجنبية ما هو إلا مجموعة من العادات والأفكار المُختلفة وهذا شيء لا غرابة فيه لوجود خليط من الجنسيات الغربية المختلفة، وتقع خطورة تلك العادات والاختلافات الفكرية في تغلغلها في فكر أبنائنا ونشأتهم عليها وبالأخص في المدارس التي لا تحمل في نظامها التعليمي الأسبوعي العلوم الشرعية واللغة العربية إلا بحصص أسبوعية تقدم على حياء في عددها وعدم تساويها مع المواد الأخرى، فهنا تفريط في أهم ركيزتين في نشأة الطفل!. بدأنا نرى ظهور جيل يدعو إلى التحرر من سلطة الوالدين وعدم الطاعة إلا فيما يرونه مناسباً ومُقنعاً!. رأينا جيلاً يناقش أبويه ويجادلهما في حقوقه والواجبات التي يجب عليهما القيام بها نحوه!. وجدنا جيلاً يطالب بالدراسة في مدارس مختلطة وإن هذا الاختلاط أحد أسباب الحضارة وما دون ذلك هو جهل وفكر عقيم!. فقد البعض وتخلى عن هويته الدينية المفروضة بدعوى كسر القيود، وإن لكل إنسان شخصيته الحرة الخاصة وله فيها ما يشاء وإن خالف ذلك الهوية الدينية والأعراف الثقافية المُجتمعية!. وظهرت أصوات تدعو إلى انعزال الفتاة عن أهلها بدعوى التحرر، وأن الفتاة قد ظلمت وأن الدين أخذ حقوقها وأنها بذلك التحرر "المسخ" وكأنها ستجد ذاتها في تحرر عقيم تراه في ملابس وتخل عن هويتها الدينية واللغوية والتمرد الواجب على الوالدين!. وللأسف إن تلك العقول لم تر حقوق المرأة في الإسلام والذي حفظ حقوقها كاملة وصان كرامتها، بل رأت تلك العقول الحقوق في صور وماديات القانون الغربي!. وبالطرف الآخر ظهر تأثير الفكر الغربي في عدم الإنكار على ما يرونه في الشذوذ الجنسي، وقناعتهم بأن ذلك يقع تحت حرية شخصية لا خلاف عليها وأنهم من المؤيدين للعلاقات الزوجية من نفس الجنس تحت مظلة الحرية المزعومة!. إننا لسنا هنا بصدد انتقاد المجتمعات الأخرى ورؤية أفضليتنا عليها، وإن كانت، ولكننا مطالبون بالحفاظ على هويتنا الدينية والثقافية والمجتمعية والتمسك بها فهي أساس استقرار المجتمع والتوازن الأسري. وإن من مسؤوليتنا كآباء وأمهات ومسؤولياتنا كأفراد في المجتمع نشأة أبنائنا على اللغة العربية وعلى تعاليم الإسلام السمحة والنشأة على القصص المُلهمة لرجال عُظماء بداية من الرسول عليه الصلاة والسلام وأهل بيته وصحابته الكرام وأعلام الإسلام وعلمائه في كل مجال. وإن من مسؤوليات الجهات التعليمية التركيز على تقديم العلوم الشرعية واللغة العربية وأشعارنا التراثية التي قدمها أجدادنا المؤسسون. أخيراً فلنجعل العلم علماً متوازناً محافظاً على الدين والهوية لا أن نجعله مِعولا لهدم المجتمع وأخلاقياته وتفككه تحت اسم العلم والتعلم. bosuodaa@