13 أكتوبر 2025

تسجيل

عن الأسماء في الروايات

02 مارس 2014

لفت نظري أن عددا من القراء، جذبتهم تلك الأسماء الغريبة التي استخدمها أحيانا في نصوصه الروائية، وأيضا يستخدم مثلها كثيرا من كتاب القصة والرواية في الوطن العربي، وحتى في بيئات أخرى من العالم الفسيح، بمعنى أن الكاتب لا يكتب في الغالب أسماء معروفة ومتداولة بين الناس، وإنما يلجأ إلى أخرى ربما يسمع بها القارئ لأول مرة، ويتساءل: من أين يأتي الكتاب بهذه الأسماء؟، وهل لها دلالة معينة في النص، أم مجرد أسماء بلا معنى ولا دلالة في الكتابة، ووجدت هكذا مصادفة؟ أوضح، إن كل كاتب حين يبدأ في كتابة نص ما، ثم يندمج في مناخات النص وأجوائه، لا بد أن يعرف أن هناك أسماء لشخوص تلامس ذلك المناخ أو تنحدر منه، أيضا لكل بلد عربي أسماء يعرفها كتّاب ذلك البلد، ويستوحون منها أسماء شخوصهم الروائيين. أوضح أكثر.. إن النص الذي يدور في قرية ريفية لا يمكن أن يستوعب أسماء المدن المتداولة، والعكس صحيح إذا كان النص تدور أحداثه في مدينة، وحتى داخل القطر الواحد، تجد لكل قبيلة أسماء متداولة، وأخرى مهجورة، ولكل قرية أو إقليم أسماء تندر في غيره، وهكذا يستوحي الكاتب أسماءه، أو يطلقها على الذين يحس بأنهم يشبهونها وتشبههم.فاسم مثل (آدم نظر)، الشخصية الرئيسة لرواية جرت أحداثها في دارفور القديمة، منطبق تماما على الشخصية، ولا يمكن أبدا أن يكون اسمها غير آدم نظر، أو اسم آخر يشبه البيئة، ولن يكون بالطبع (كمال)، أو (عادل)، إلى آخر تلك الأسماء المدنية، أو الدخيلة على الريف الحديث. وأعتقد أن ما ينصب على الكتابة العربية، ينصب على غيرها من كتابات العالم، وأجزم أن (جوزيه أركاديو بونديا) الذي كان شخصية فذة في رواية مئة عام من العزولة للروائي الكولمبي العظيم جارسيا ماركيز، يشبه اسمه بلا شك، و(يمام) الدليل السياحي التركي، في رواية الوله التركي للإسباني أنطونيو غالا، لا يمكن أن يكون إلا (يماما ً) من وصفه الذي ورد في الرواية، وحين ألقيت نظرة على شخوص الراحل الكبير الطيب صالح، في قرية (كرمكول) شمال السودان، أيقنت أن الطيب حين كتب تلك الأسماء، كتب ملامح الشخوص داخلها، ولو لم يصفهم لوصفتهم الأسماء. ليس الأمر إذن، ولعا بالأسماء الغريبة، وحشدها لإنهاك قارئ، نحن نبحث عنه بشدة في هذا الزمان، حيث خف تهافت الناس على القراءة، ولكن إيحاءات تشبه كتابتنا، ولابد من تضمينها حتى يأخذ النص دلالته كاملة، وحتى يكون صادقا وأكثر تعبيرا عن المجتمع، وما زلت مقتنعا، إن الكاتب في كل الحالات، مرآة لمجتمعه، وإن الرواية لا تكتب عبثا أو إهدارا للوقت، ولكن بقناعة تامة بأهميتها.