10 سبتمبر 2025

تسجيل

من أجل كل البشرية

02 يناير 2024

يتناول مسلسل «For All Mankind» قصة تاريخ بديل، يفوز الاتحاد السوفييتي فيه بوصول أول رائد فضاء سوفييتي إلى القمر قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ليحتدم السباق نحو الفضاء وتنضم دول أخرى فيه، وتستمر الأحداث حتى الوصول إلى البحث عن معادن في القمر ومن ثم السباق نحو المريخ في سباق فضائي لا ينتهي بين أمم الكرة الأرضية. يطرح المسلسل واقعاً خيالياً معاكساً لحاضرنا.. لا وجود للحرب الباردة.. الدول تتعاون مع بعضها البعض للمصلحة العليا.. علاقات الولايات المتحدة الأمريكية «ودية نوعاً ما» مع روسيا والصين.. تم القضاء على الاحتباس الحراري.. موظفو شركات البترول يحتجون على خسرانهم لوظائفهم.. تم استعمار كوكب المريخ، وغيرها من أحداث المسلسل. من أهداف الفن، هو أن يرينا الوجه الآخر من العملة. كما نسمع طرفاً.. نسمع الطرف الآخر، وكما نحلم بقصة نريد تحققها.. نتمعن بالقصة التي نتخلى عنها في المقابل. ومن الأمور التي أحببت مشاهدتها في هذا المسلسل، هو التعاون بين النقيضين.. التعاون الذي لم نره حتى هذه الدقيقة سوى على الشاشة الفضية والتي صورها هذا المسلسل، ألا وهو التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي (أو روسيا اليوم). يصور المسلسل علاقة تعاونية وتكاملية بين السوفييت والأمريكان في الفضاء، يتم فيها مشاركة الخبرات والمعدات والتجارب فيما يحقق مصلحة البشرية الكبرى ويضعها فوق مصالح الأفراد والدول. وطبعاً هذا مسلسل درامي في الأول والأخير، والأكيد أنه يحمل مشاهد كثيرة يتصادم فيها الأمريكان والسوفييت، ولكن مشاهدة هذا التعاون المتخيّل بين أكبر قوى العالم في مسلسل تلفزيوني كان جاذباً وباعثاً على التفكير، ماذا لو اتفقت القوى العظمى في الكرة الأرضية، على وضع حل فوري لإنهاء تغير المناخ والاحتباس الحراري أو كما سماه سكرتير الأمم المتحدة انتونيو غوتيرس «عصر الغليان العالمي»؟ ماذا لو تعاونت الدول على إيقاف المآسي في غزة والضفة الغربية والسودان والكونغو وأوكرانيا؟ ماذا لو تكاتفت الدول وحلت مشكلات اللاجئين حول العالم؟ ماذا لو وضعت دول العالم أنظمة لمحاربة العنصرية تجاه اللون والعرق والدين؟. من مميزات الفن، إعطاء الأمل لمتابعه ومشاهده ومتأمله. ومسلسل «For All Mankind» يعطي الأمل بواقع آخر.. بتاريخ بديل قد لا يكون مشرقاً أكثر من واقعنا الحالي، ولكنه صورة أخرى، قد نرغب في الحصول عليها أو الحصول على نسخة محسنة منها أو قد نكتفي بواقعنا ومحاولة تحسينه. وعلى كل حال، أنا أتمنى أن يتعاون الإنسان مع نظيره، وأن نحقق المصلحة البشرية الكبرى في المستقبل.. بعيداً عن المصالح الفردية واستعراضات القوة والسلاح.... الإنسان، فقط، ورغبته الحقيقية في تحسين الكرة الأرضية.