03 نوفمبر 2025

تسجيل

تطورات لافتة في الاقتصاد الإماراتي

02 يناير 2011

يتوقع أن يحقق اقتصاد دولة الإمارات نموا مريحا في العام 2011 لأسباب تتعلق ببقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق العالمية فضلا عن احتواء أزمة مديونية دبي. وكانت أزمة مديونية دبي، والتي ظهرت للعيان في نهاية 2009، قد ألقت بظلالها على التوقعات المتعلقة بمؤشرات أداء الاقتصاد الإماراتي في 2010. وفي كل الأحوال، نأمل لتصديق التوقعات الرسمية بتسجيل نسبة نمو تتراوح ما بين 3 و3.5 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الإماراتي في 2011. حقيقة القول، يكتسب هذا الموضوع أهمية إضافية لأنه سوف يفسح المجال أمام تخطي الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بالأسعار الجارية حاجز التريليون درهم أي 270 مليار دولار للمرة الأولى.ومن شأن هاذ التطور اللافت تعزيز مكانة الاقتصاد الإماراتي كثاني أكبر اقتصاد بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية. حسب الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي قرابة 427 مليار دولار في العام 2010. وعلى صعيد العالم العربي، يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الرابعة بعد السعودية ومصر والجزائر على التوالي. وحسب أرقام البنك الدولي للعام 2009، يأتي ترتيب الاقتصاد الإماراتي في المرتبة رقم 42 على مستوى العالم مقارنة بالمراتب 21 و25 و40 للسعودية ومصر والجزائر على التوالي. بالمقارنة، تم تسجيل نمو سلبي قدره 2.1 في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات في 2009 بسبب تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة المالية العالمية. وكانت أسعار النفط قد هوت من 147 دولارا للبرميل في يوليو من العام 2008 أي قبل أسابيع من إعلان الكشف عن الأزمة المالية العالمية إلى نحو 35 دولارا للبرميل مع بداية 2009 نتيجة تصدع الثقة في الاقتصاد العالمي. يبقى أنه رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي، يلعب القطاع النفطي جوهريا فيما يخص نتائج المؤشرات الاقتصادية في الإمارات حيث يساهم بنحو ثلاثة أرباع كل من دخل الخزانة والصادرات. بل تعتبر الإيرادات النفطية المساهم الأول بلا منازع فيما يخص تمويل مصروفات الدولة والتي بدورها تعبر عن التوجهات الاقتصادية للدولة. إضافة إلى ذلك، يساهم القطاع النفطي بنحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات. بمعنى آخر، يقع الاقتصاد الإماراتي تحت رحمة تطورات الاقتصاد العالمي كما تجلى ذلك من خلال نتائج العام 2009. من جهة أخرى، أقرت الدولة ميزانية الاتحاد بنفقات وإيرادات قدرها 11.17 و10.35 مليار دولار كنفقات وإيرادات للسنة المالية 2011. بدورنا، لا نعتقد بأن العجز المالي وقدره 820 مليون دولار يشكل خطرا فعليا، حيث ليس من المستبعد أن يتحول لفائض في نهاية المطاف لسبب جوهري. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تتبنى الإمارات سياسيات مالية محافظة نسبيا فيما يخص دخل الخزانة العامة. الجدير ذكره، أن هذا الرقم يمثل مصاريف الجانب الاتحادي وليس جميع النفقات العامة، حيث إن لكل إمارة ميزانية خاصة بها. المشهور بأن ميزانية بعض الإمارات السبع خصوصا أبو ظبي أكثر بكثير من الميزانية الاتحادية نظرا لسيطرة العاصمة على نحو 90 في المائة من صادرات القطاع النفطي للدولة.وفي تطور جدير، أقر المجلس الوطني في الإمارات في الأسبوع الماضي مقترح يقضي بتقييد الدين العام للدولة عند حاجز 25 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي. حقيقة القول، تعتبر مقترحات المجلس الوطني غير ملزمة إلا في حال قيام رئيس الدولة بتصديقها. لا شك تعبر توجه المجلس الوطني عن ميول قطاع واسع من الناس بضرورة عدم المبالغة في تراكم الديون لما لها من تأثيرات سلبية على خيارات الأجيال القادمة. مؤكد، يعود هذا التطور غير العادي في جانبه كنتيجة طبيعية لأزمة مديونية دبي والتي حدثت كرد فعل على قرار السلطات المالية في دبي بتأجيل سداد سندات بقيمة 3.5 مليار دولار مستحقة على شركة نخيل أي الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية والتي بدورها تعد واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية التابعة لحكومة دبي.مؤكد لم تكن دبي موفقة في قرار تأجيل المستحقات بشكل مفاجئ دونما ترتيب مع الأطراف الدائنة خصوصا البنوك البريطانية والتي يقف وراءها وسائل إعلام مؤيدة. بدورنا لا نؤيد فكرة وجود مؤامرة ضد دبي كما يحلو للبعض وقت الأزمات. بل لم يكن من المستبعد تشدد وسائل الإعلام البريطانية أكثر من غيرها بسبب تورط مؤسسات مالية بريطانية في سوق التمويل في الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص.وتشتهر وسائل الإعلام في الغرب بممارسة القسوة وقت الأزمات بدليل تعاملها بقسوة مع الولايات المتحدة والتي انطلقت منها الأزمة المالية العالمية. وقد تعرضت الولايات المتحدة لضغوط إعلامية ومطالبات بإعادة ترتيب بيتها المالي وأنظمتها التشريعية المالية بعد أن كشفت الأزمة تورط بعض المؤسسات المالية الأمريكية العملاقة في عمليات مالية مشبوهة.وربما يحمل العام 2011 بعد المفاجآت التي ليست في الحسبان كما هو الحال مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في منتصف 2008 وأزمة مديونية دبي في نهاية 2009 فضلا عن معضلة مشكلات مالية في عدد من الدول الأعضاء في منقطة اليورو في 2010. وقد بدأت أزمة اليورو باليونان بسبب عدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية ومن ثم انتقلت لأيرلندا وربما تشمل دولا أخرى في 2011. ونظرا لأننا نعيش في عصر العولمة، فقد أصبحت الاقتصادات تتقاسم الظروف الإيجابية والسلبية على حد سواء. وصدق من قال بأنه إذا عطست أمريكا فإن أوروبا تصاب بالزكام وربما انتقل الزكام للعالم بأسره بعد ذلك.