13 سبتمبر 2025

تسجيل

ما ينقصك

01 ديسمبر 2014

في حديث لي عن القصة القصيرة جدا، أو القصة الومضة كما يسمونها، والتي انتشرت بشدة هذه الأيام وأصبح لها كتاب وقراء ومشجعون، قلت إن قصة بهذا الخجم قد تقول شيئا لكنها لن تمنح متعة كبيرة، لقارئ يبحث عن المعرفة والمتعة، في آن معا، وغالبا ما يهتم بهذا النوع من الكتابة، قراء الشعر الذين قد يجدون فيه بعض العزاء بعد أن تغبر الشعر واتسخ. لكن بالرغم من ذلك، فما زال يوجد في أي نوع من الإبداع، مبدون يمكنهم التعبير برصانة وإجادة ما يعملون عليه، والمشكلة هنا هو كيفية العثور على هؤلاء المبدعين وسط الكم الهائل من الكتب التي تنتشر في كل مكان.بين يدي كتاب جيد، يحوي مجموعة من القصص القصيرة جدا، إضافة إلى مجموعة من النصوص والخواطر الشفافة. كتاب: ما ينقصك للأديبة السعودية: منيرة الإزيمع، صدر هذا العام عن دار مدارك المعروفة. ومنيرة ليست صوتا جديدا في الكتابة، فقد صدرت لها مجموعتان مماثلتان في السابق، لم أطلع عليهما، لكن كتاب ما ينقصك، هو حقيقة وجبة دسمة من المفردات والمعاني، والحكايات العامة والخاصة التي يمكن قراءتها بمزاج عال، والاستمتاع بها إلى أقصى حد... القصص هنا في معظمها ليست ومضات سريعة شاحبة، لا توحي بشيء، وإنما قصص تتحدث عن النفس وخلجاتها أولا، عن المجتمع وما يدسه من لؤم تجاه المرأة، عن الطرق والأسواق، والمجالس، وعن عالم المرأة المضيء والمظلم في آن معا. لقد كتبت القصص بأطوال متفاوتة، وحتى التي كتبت في سطر أو سطرين، كانت معنية بإيصال فكرة ما. ولطالما كنت من المنادين بعدم التفريق بين ما يكتبه الرجل وتكتبه المرأة، باعتباره وجعا إنسانيا في النهاية، لكن هذا لا يمنع أن الخلق المختلف للمرأة والرجل، يمنح التنوع في الإبداع أيضا، وأظن أن منيرة استفادت من مفردات النساء المستخدمة في الحياة اليومية، لتمنحنا هذا الكتاب الممتع في كل خاطرة من خواطره، وكل سطر من سطوره، ولعل ذلك يكون بادرة تصالح بيني وبين هذا النوع من الكتابة، فأبحث عن الجديد المتميز فيه.إذن الكتابة الإبداعية أنواع كثيرة، فيها ما يكتب حيوات كاملة، وما يكتب ومضات من حيوات، وداخل كل نوع توجد أنواع أيضا، توجد أمزجة ولغات مختلفة، ودائما ما نجد نماذج قد تقربنا أو تبعدنا عن القراءة، وأذكر أنني قرأت مرة للكاتب السعودي حسن البطران مجموعة من القصة القصيرة جدا، وأحسست بنفس إحساسي وأنا زقرأ: ما ينقصك لمنيرة الإزيمع، فكلاهما قدم عملا مدهشا يستحق التوقف عنده طويلا. في المقابل قرأت قصصا ورايات لآخرين وأحسست بفداحة الوقت الذي أضعته.ما ينقصك، يستحق القراءة، ويستحق أن يؤخذ نموذجا للكتابة الجديدة، التي بدأت تنتشر هذه الأيام.