15 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا لا يتعاطى الغرب مع العرب بجدية كما يفعل مع غيرهم؟

01 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ترك الغرب "إسرائيل" تمتلك وتطور وتفاقم من سلاحها النووي (فرنسا من أعطاها الخبرة والتكنولوجيا والبناء منذ منتصف الخمسينيات)، وترك الهند والباكستان يمتلكان التكنولوجيا النووية وتقنياتها وترك كوريا الشمالية مع سلاحها النووي تهدد به "الدولة العظمى" وحلفائها الإقليميين وعندما أحست "الدولة العظمى" باستفحال خطر سلاحها النووي دخلت معها في مفاوضات "الأطراف السداسية" من غير أن تمس سلاحها بأي سوء وعندما امتلكت إيران القدرات النووية وخشيت "الدولة العظمى" من سلاحها دخلت معها منذ 2008 تقريباً في مفاوضات 5+ 1 من غير أن تقصفه هي أو "إسرائيل". الصورة مختلفة جذرياًّ ومأساوياًّ حينما يتعلق الأمر بالعرب الذين يُراد لهم أن يظلوا البقرة الحلوب للغرب. فبمجرد أنْ شمت أمريكا ومعها الغرب بطبيعة الأحوال، مجرد شم أن العراق في عهد (صدام حسين) يطور برنامجاً للسلاح النووي سلطت "إسرائيل" عليه منذ باكورته عندما قصفت "إسرائيل" المفاعل العراقي عام 1982.لم تكتفِ "الدولة العظمى" وحلفاؤها بذلك، بل لاحقت "إسرائيل" العلماء العرب في البرنامج النووي العراقي في كل مكان وقتلتهم واحدا إثر واحد وأحد أهم أولئك، العالم العربي المصري (يحيى المشد) بكارت بلانش أمريكي غربي وضوء أخضر طويل. ظلت "الدولة العظمى" وراء الرجل ونظامه الذي تجرّأ وتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة كما يبدو للعرب لاسيَّما الشرفاء وتخلصوا منه وبقية القصة معروفة.ألا تلاحظون أن هذا لم يحدث مع تلك الدول التي ذكرناها باستثناء محاولات صهيونية محدودة قتل فيها بضعة علماء إيرانيين في داخل إيران وخارجها، بَيْدَ أن شيئاً أكثر من هذا كقصف المفاعلات الإيرانية في (بوشهر) وغيرها لم يحدث وإنما دخلت هي وحلفاؤها في مفاوضات كما ذكرنا على مدى ست سنوات، ولم نرَ عمليات تفكيك لصواريخها طويلة المدى تقوم بها (الأمم المتحدة) ولا زيارات مكوكية تفتيشية من ما يُسمى (بوكالة الطاقة النووية) لطهران كما حدث للعراق (في عهد صدام حسين) أو في واقع الممارسة الفعلي ليست لا الأمم المتحدة ولا أذرعتها الأخرى وإنما هي أمريكا أو حتى إسرائيل أو حتى (الإيباك.) لماذا العرب دونا عن غيرهم؟ أذكر أن الدكتور (جورج جلوي) النائب العمالي البريطاني، وقف أمام جمهوره (بالجامعة الأمريكية الدولية) في بيروت قبل فترة يرد على مخرجات ما بدا من أسئلة الجمهور من تبنٍّ واسع "لنظرية المؤامرة" لديهم، نتيجة إحباطهم وخيبة أملهم في أنظمتهم المصادرة لحرياتهم والمؤيدة لأمريكا والغرب و"إسرائيل" في الخفاء حيناً وفي العلن أحايينَ أخرى. من ضمن ما ذكره (جلوي) مثلاً ما يشبه رد كثير من أنبياء ورسل الله إلى أقوامهم- "يا قومُ إني لكم من الناصحين". نصح العرب بألا يكتفوا بالجلوس في المقاهي (يكركرون) الأرجيلة، ويلقون باللوم على "إسرائيل" وأمريكا وبريطانيا وإيران والغرب والشرق والشمال والجنوب أنهم هم الذين لا يجعلونكم تتحدون. كأني بلسان الدكتور (جورج جلوي مقدسيُّ الهوى عربي القلبِ وإنْ (كان لسانُهُ يُرى إنجليزياًّ) وهو ينصح العرب حكوماتٍ ومنظماتٍ وشعوباً يردد ما ردده الشاعر العربي قديماً:"نصحتُهم أمري (بِمُنعَرَجِ اللوا) فلمْ يستبينوا النصحَ إلا ضحى الغدِأي بعد ما فات الفوْت ولم يعد ينفع الصوت. ذكر (جورج جلوي) أيضاً مؤكداً لجمهوره أن زملاءه في البرلمان البريطاني الستُّمائة والخمسين عضواً حيث يجلس هو، لا يعرفون الفرق بين الشيعة والسنة ولا يهمهم إن كان العرب يصلون أو يصومون أو يحجون. إن كل ما يهمهم هو أن يبقوا متفرقين ومتخلفين لا يزرعون ولا يصنعون ولا ينتجون ويستوردون كل شيء منهم وأن تبقى حكومات العرب غير ديمقراطية وغير منتخبة مباشرة من الجماهير العربية أو من خلال برلمانات هم من ينتخبها مباشرة بشفافية كما يحدث في البلدان الديمقراطية وأن يبقى المواطن أو الكائن العربي مهمشاً مقصىً لا رأي له في إدارة شؤون بلده وأن يسيطر على البلد شرذمة قليلون أعراب وليسوا عرباً ينفذون أجندات الغرب فقط ليبقوا في كراسيهم. لماذا؟ ليستمروا هم أي بريطانيا وغيرهم من بلدان الغرب وغير الغرب في سرقة بترول العرب وغازهم وثرواتهم. العرب ثلاثمائة وخمسون مليون عندهم لغة واحدة وإلهٌ واحد، ورغم ذلك هم متشرذمون وغير موحدين والسبب هو هم وحدهم السبب. إن (الولايات المتحدة الأمريكية) لا تستطيع حتى أن تسيطر على شوارع (بروكلين) وكثير من العرب يتصورون أنها هي وغيرها من دول الغرب وغير الغرب من تمنع وحدة العرب أو تصادر القرار السيادي العام للحكومات العربية خاصة حكومات الخليج العربي. إضافةً إلى ذلك نحن نؤكد على ما قاله (جورج جلوي) الذي يحترق قلبه على العرب، إن العاصفة الثلجية التي أصابت خمسين ولاية أمريكية شلت الحياة كليا في الولايات المتحدة الأمريكية رغم كل ما تمتلكه الدولة العظمى من كل أشكال وأنماط التكنولوجيا والتقنيات، لدرجة أن عمدة (نيويورك) والعُمَدُ في الولايات والمدن الأخرى طالبوا المواطنين بالبقاء في بيوتهم وأكثر من سبعة مواطنين تُوفوا نتيجة العاصفة الثلجية.إيران خصم للعالم العربي ولديها تطلعات فيه ولاسيَّما في الخليج العربي الذي تصفه ويصفه العالم كله معها (بالفارسي) رغم العداء الظاهري لإسرائيل والغرب معها. من حق إيران وغير إيران أن تكون لها مصالح وطموحات والسؤال لماذا لا تكون لحكومات العالم العربي كمثل ذلك؟ باختصار لأن في إيران – اتفقنا أو اختلفنا معها- تداول على السلطة وديمقراطية وانتخاب رئيس من الشعب مباشرةً وحتى بنجلاديش فيها ذلك. أما العالم العربي فتعشش فيه الديكتاتورية وحكم الفرد وهو السبب الذي يجعل إيران تُصنع وتزرع وتطيِّر صواريخ للفضاء الخارجي وتنتج صواريخ هجومية وسيارات وغيرها. هل منعتها أمريكا أو إسرائيل أو الغرب عموماً بل هؤلاء حاصروها اقتصاديا لعقود. الرجاء ألا ننزلق كثيراً في طريق (نظرية المؤامرة) وندعي أن (إيران) ما كان لها أن تفعل ذلك لولا الضوء الأخضر الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي. صحيح أن (إيران) تلعب سياسة وتناور مع الغرب وهذا من حقها بّيْدَ أنني لست مقتنعاً بأن إسرائيل وأمريكا والغرب يحب أن يرى (إيران) دولة تخرج من عباءة "العالم الثالث" إلى فضاء الدول المتقدمة.إذن، لو أن لدى العالم العربي ديمقراطية وبرلمانا يراقب الحاكم ويحاسبه وشفافية سياسية واقتصادية لاستطعنا أن نمتلك قرارنا السيادي في الزراعة والصناعة والتطوير والتطور. طالما أن الحاكم العربي يريد أن يستمر هو وحده الأمر الناهي كما هو الواقع اليوم للأسف الشديد، فطبيعي أن يكون العالم العربي منزوع السيادة من قِبَلِ القوى الحارسة لهذا الحاكم العربي أو ذاك مادام هو يسهل لها كل شيء وكأن العالم العربي مجرد دكان لإسرائيل والغرب وأمريكا يبيع فقط وبالأسعار التي يحددها الغرب. صحيح أن الديمقراطية الإيرانية والبنغالية مثلاً فيها ثغرات وأي ديمقراطية ليس فيها كذلك؟ الديمقراطية الأمريكية مثلاً، فيها ثغرات أكثر بالنسبة مثلاً لحقوق الإنسان حيث يوجد أحد عشر مليون شخص مقيم بشكل غير شرعي في أمريكا من غير تسوية أمورهم والتعاطي معهم كبشر لهم حق في الحياة وغير ذلك من مظاهر الثغرات وعلى رأسها الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة.أستاذ جامعي وكاتب قطري