13 سبتمبر 2025
تسجيلتعصف بالأمم ما بين الحين والآخر ما لم تكن بالأمم السابقة قبلها، من المفسدات للمجتمعات والأفراد، فإما هي لهذا مقاومة أو تستسلم لهذا الأمر فيصبح المجتمع تدريجياً متقبلاً لها ولا يُستنكر فيصبح تلقائياً هذا الأمر من طبيعة تلك المجتمعات. فقد كانت النساء بالأمس في الدول الغربية يرتدين الفساتين الطويلة وهي قد تكون عادات محتشمة في المجتمع آنذاك، ولتبدأ مجموعة من النساء في الدعوة إلى ارتداء البنطال وبالطبع في بداية الأمر وجدت هذه الأفكار الدخيلة مقاومة من المجتمع ورفضا من قوانين تلك الحكومات أحياناً، وعلى الرغم من تنوع الآراء في شأن البنطال من ناحية الأكثر ستراً وفي نظام معين في الارتداء، ولكن حدث التدرج عندما بدأ العري يحدث في ملابس النساء إلى أن وصل الحال إلى انتشار اللبس العاري والصور العارية في كل أرجاء الدول الغربية، وقد يكون هناك إلى الآن نوع من المعارضة ولكن دون تأثير يُذكر. في الأفلام والمسلسلات الغربية القديمة كان الشواذ فئة تُعتبر مادة للسخرية، وكانت المجتمعات الغربية ترفضهم رفضاً تاماً، ليتم التدرج على مدى سنوات ويبدأ بعض الشواذ المشهورين بالتصريح علناً بشذوذهم، وبعدها بسنوات تحولت بعض الحكومات من الضد إلى الدعم لهؤلاء تحت ذريعة الحرية الإنسانية ! واليوم أصبحت هناك منظمات تدافع عنهم وأصبحت الكثير من وسائل الإعلام تدعمهم وتُغذي المجتمعات تدريجياً بهذه الفئة وذلك بطرحهم في الأفلام لتصورهم بأنهم مكون طبيعي في المجتمع ولكن ما زال الصراع قائماً في كثير من الدول الغربية ضد هذه الفئة غير الفطرية والمدمرة للمجتمعات والبقاء البشري السليم. إن التغيير الذي نتحدث عنه استغرق عشرات السنين ليستقر ويصبح أمراً معتاداً في المجتمع ولا يتم استنكاره. وتنطبق هذه الأمثلة على كل ما هو فاسد بالمجتمعات، إن كان فساداً أخلاقياً أو مجتمعياً أو إدارياً أو مالياً، فبغض النظر من قبل الحكومات أو المجتمعات أو الأفراد عن تلك المسائل تؤدي إلى تفاقمها وانتشارها والوصول إلى صعوبة التمكن من إيقافها لوصول تغلغلها بشكل قوي في المجتمع. ومن ثبات الأمم وتطورها وازدهارها وما يعنيينا بالدرجة الأولى هو التقيد والتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي وهو المنهج السليم القويم لحياة الأفراد والمجتمعات، وانتشار الفضيلة في المجتمع من أقوى الحوافز لمجتمع آمن متماسك مستمر. ومن أسباب هلاك الأمم السابقة انتشار الفساد فيها وعدم وجود المصلحين والناصحين وهو في قول الله عز وجل (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). ويجب طمس كلمة (دع الخلق للخالق) فهو مفهوم خاطئ وليست هذه الجملة من الدين الإسلامي بشيء، وهي التي ظهرت لدى فئة في المجتمع وتدعو إلى عدم إنكار المُنكر أو التحدث عنه وهي دعوة للانغلاق على النفس واكتفاء الشخص بالحرص على نفسه وأهل بيته دون المجتمع وأفراده وهو أمرٌ يخالف أساس الدين وحرصه على كل فرد من أفراد المجتمع، نسأل الله لنا ولهم الإصلاح والهداية. الدعوة بهذا المقال ليست لمعركة ما بين مهزوم وبين منتصر، بل هي دعوة محبة ودعوة نصح وإصلاح، هي اتباع لقول الله عز وجل (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). ومن المحبة توجيه الكلمة الطيبة للأفراد والمجتمع وهذا واجبنا الإسلامي والإنساني، ومحاربة ذلك تقع على عاتق المسؤولين المكلفين بها لعمل التغيير أمام مجتمعاتهم وأمام الله عز وجل بالمرتبة الأولى. نسأل الله تعالى الإصلاح لأنفسنا ولمجتمعاتنا ونسأله سبحانه التوفيق في ذلك.