15 نوفمبر 2025

تسجيل

الكويتُ والخليجُ بين سندانِ دليم ومطرقةِ الزمار

01 نوفمبر 2017

لم تكتفِ دولُ الحصارِ بوصولِ بعضِ كبارِ مسؤوليها، والطبالينَ من إعلامييها إلى قاعِ مستنقعِ الانحطاطِ الأخلاقيِّ والابتذالِ السياسيِّ، بل أمرتهم بحفرِ القاعِ والغوصِ في طينهِ العفنِ. فها هو زمَّارُ القصرِ: تركي آل الشيخ، يتابعُ دليم: سعود القحطاني، في مسيرةِ السفاهةِ والضحالةِ الحضاريةِ، فيهاجمُ الكويتَ، ممثلةً في الشيخ أحمد الفهد، ناعتاً إياها بأنها قزمٌ آسيويٌّ. وكالعادةِ، استثمرَ الساقطونَ من المغنينَ والإعلاميينَ السعوديينَ الفرصةَ للتقربِ إلى الزمارِ وسيده، فغردوا يؤيدونه وهم يتقيأونَ اعتزازاً وطنياً مقرفاً، وينفجرونَ حماسةً لزجةً ضد الكويتِ الشقيقةِ العربيةِ المسلمةِ، لا يجرؤونَ على إبداءِ واحدٍ على مليونَ منها ضد الكيانِ الصهيونيِّ الذي أصبحَ (شقيقهم) الروحيَّ، وصاروا يتمسحونَ بأقدامه ليقبلَ بهم شركاءَ في مشروعه القائمِ على معاداةِ الإسلامِ والعروبةِ. منذُ الأيامِ الأولى للحصارِ، ، شنَّ الساقطونَ في إعلامِ الدولِ المشاركةِ فيه حملاتٍ عنيفةً على الكويتِ، تطالبها بالتخلي عن إسلامها وعروبتها، والانضمامِ للحلفِ الصهيونيِّ الذي تقوده أبو ظبي ضد بلادنا. فقد ضاقوا ذرعاً بأنوارِ الحضارةِ والديمقراطيةِ والسموِّ الأخلاقيِّ التي تشعُّ من الكويتِ فتفضحُ ظلامَ الجاهليةِ والتخلفِ الذي يعيشونَ فيه، وشعروا بأنَّ مواقفها المشرفةَ تعريهم أمامَ شعوبهم والشعوبِ العربيةِ، فكانوا يتحينونَ الفرصَ لتهديدها علانيةً بعدما فشلتْ تهديداتهم لها في الخفاءِ، علَّ ذلك يساعدهم في الانتقالِ بخليجنا العربيِّ إلى حالةٍ من الفوضى التي تخدمُ مخططاتِ إمارةِ دحلانَ المتصهينةِ. السؤالُ المطروحُ هو: ما هي المتغيراتُ الدوليةُ التي يعتمدُ السعوديونَ عليها في تصعيد ضغوطهم على الكويتِ؟. والجوابُ هو أنهم يفتقرونَ إلى الكفاءةِ في التخطيطِ الاستراتيجي، لأنَّ شيئاً لم يتغيرْ على الأرضِ، لكن اعتمادهم على أمثال دليم والزمار يجعلهم يتوهمونَ أنهم استطاعوا تحييدَ العراقِ وإيرانَ، فصارَ بمقدورهم تهديدَ الكويتِ لتنضمَّ إلى قطيعِ جاهليتهم وتخلفهم. ومما يؤسفُ له أنَّ حجمَ المملكةِ الضخمَ جداً قد تضاءلَ كثيراً بعنترياتِ بعضِ مسؤوليها، ورضوخهم لتوجيهاتِ إمارةِ دحلانَ، لكنها لم تنتبه بعدُ لهذا الحالِ المزري سياسياً وعربياً وإسلامياً الذي بلغته. فالمملكةُ مشغولةٌ بأوهامِ العظمةِ والدورِ والمكانةِ، إلا أنَّ انشغالها لا يقومُ على الانتماءِ للأمتينِ العربيةِ والإسلاميةِ، وإنما على التقربِ من أعدائهما، وتقريبِ كارهيهما كدليم والزمار وتركي الحمد وعبدالرحمن الراشد وسواهم من ذوي الوجوهِ الشائهةِ. الملاحظُ في قطعانِ الإعلاميينَ السعوديينَ أنهم يرعونَ في نفسِ المرعى الذي رعى فيه الساقطونَ في مجمعِ الصرفِ الصحيِّ المسمى بالإعلامِ المصري. فهؤلاءِ وأولئك يعايرونَ الكويتَ بأنَّ السعوديةَ ومصرَ حررتاها، ويطالبونها بأثمانٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ. ويتناسونَ أنه لولا الولايات المتحدةِ لوصلَ العراقيونَ إلى مناطقَ شاسعةٍ في الجزيرةِ العربيةِ. فليس من داعٍ، إذن، لهذه النبرةِ العنصريةِ الزائفةِ، لأنَّ كلَّ الدولِ التي شاركتْ في التحريرِ، بما فيها قطر، قامتْ بأدوارٍ كبيرةٍ تفوقُ عملياً إدعاءاتهم وأباطيلهم. ونقول لهم: اتركوا هذه الصفحاتِ مطويةً لأنَّ ما فيها لا يرفعُ من شأنكم، ولا ينتقصُ من شأنِ الكويتِ وشعبها. قد يستغربُ البعضُ حديثنا عن دليم والزمار لأنهما ربما يعبرانِ عن رؤاهما الشخصيةِ وليس عن سياسةِ المملكةِ وإمارةِ دحلان، فنقولُ لهم: ينطبقُ على أهلِ الخليجِ المثلُ الشعبيُّ: قريتنا صغيرةٌ ونعرفُ بعضنا بعضاً. فالمملكةُ، كباقي دولِ الحصارِ، ليستْ واحةً للديمقراطيةِ حتى نعتقد ذلك. فهذانِ الخاويانِ هما الواجهة التي نقرأ عليها السياسةَ السعوديةَ الخارجيةَ والداخليةَ. وكلاهما يعبرانِ في تصريحاتهما وتغريداتهما عن مواقفِ المملكةِ تجاه الدولِ والشعوبِ. كلمة أخيرةٌ: آنَ الأوانُ للكويتِ وسلطنةِ عمانَ أنْ تتنبها للخطرِ الدحلانيِّ الذي يطرقُ أبوابهما، وأنْ تسعيا لتوطيدِ تحالفاتهما مع دولٍ عظمى إقليمياً، وتقويةِ تواصلهما مع المجتمعِ الدوليِّ. فالحلفُ الدحلانيُّ لديه مشروعه الصهيونيُّ الساعي لتكوينِ مجلسِ تعاونٍ تحكمه إمارةُ دحلانَ، ولا يمكنُ لهذا المجلس أنْ يقومَ إلا بدفنِ المجلسِ القديمِ.