14 سبتمبر 2025

تسجيل

وداعاً أمير الإنسانية وموحد الكلمة

01 أكتوبر 2020

عمّ الحزن ربوع العالمين العربي والإسلامي واهتزت أركان العالم؛ حزناً على وفاة أمير الإنسانية وموحّد الكلمة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر صباح، الذي وافته المنية أول أمس الثلاثاء عن عمر ناهز ٩١ عاما، قضاها في خدمة وطنه الكويت وعالمه الإسلامي والعربي، وكلما يذكر اسمه يذكر الخير وتوحيد الكلمة، وشهدت له الشعوب وقادة جميع الدول بأنه كان قامة وطنية وخليجية وعالمية فريدة، وقد ترك بحكمته وإنسانيته أثرا لا يُنسى في قلوب شعبه ومحبيه، لقد رحل الذي كان يشبه شعبه كرماً وحباً للخير، وصاحب الابتسامة الدائمة والروح المُحبة للسلام، وبفقده فقد العالم رجل السلام والحكمة والحوار، والعالم العربي كله يلهج بكلمات التعزية والمواساة لنفسه أولاً قبل أن يعزي أهل الكويت. القائد الإنسان لم يتآمر على أحد ولم يؤسس أي عصابة ولم يشكل أي مليشيات بأي دولة ضد أي طرف، هذه هي صفات القائد الإنسان، بل بذل الغالي والرخيص على حساب صحته وسعى لتوحيد الكلمة بين أشقائه قادة الخليج، وكانت مبادرته في لم الشمل نبراساً أضاء ظلمة الخلافات بين قادة دول الحصار التي حاكت المكائد لقطر، وكانت مبادرته مرجعاً للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية التي جعلتها أساساً لاتخاذ أي قرار بشأن هذا الخلاف الخليجي، وشخصيته الدبلوماسية وحنكته التفاوضية التي كان يتميز بها فرضت احتراماً كبيراً له من قبل جميع قادة العالم، وكان تكريمه الأخير قبل أيام قليلة في البيت الأبيض الأمريكي ومنح الرئيس دونالد ترامب وسام الاستحقاق العسكري برتبة قائد أعلى، وجاء هذا التكريم اعترافاً بالجهود العظيمة والدؤوبة والدور الكبير الذي يقوده أمير دولة الكويت في المنطقة والعالم، وتتويجاً لجهوده المثمرة في الحفاظ على علاقات الكويت الدولية بكل نزاهة واقتدار منذ أن كان وزيراً للخارجية وحتى اعتلائه منصب أمير الكويت والتي امتدت على مدى عقود. إنجازات أمير الإنسانية الأمة العربية فقدت قائداً وزعيماً عظيماً، عمل طوال حياته على خدمة قضايا أُمتيه العربية والإسلامية، وبذل جهداً كبيراً في لمّ شملهما وتوحيد كلمتهما في وجه جميع الصراعات والخلافات، ومنذ توليه الحكم، قاد سياسة إصلاحية على الصعيد الداخلي في بلاده ومتزنة على المستوى الخارجي، حيث عرف بحنكته الدبلوماسية في إدارة السياسة الخارجية للبلاد، وعمل على تعميق الترابط العربي ومد جسور التواصل بين بلاده والمجتمع الدولي، وقاد الراحل بلاده نحو نهضة اقتصادية شاملة، وأنشئت في عهده مشروعات تنموية ضخمة في مختلف المجالات، واستطاع أن يحول الكويت إلى مركز تجاري ومالي، ووضعها على خريطة الاقتصاد العالمي بقوة، مما جعل من الدينار الكويتي إحدى أقوى العملات الدولية، وفي مجال الحريات وحقوق المرأة، عمل أمير الكويت الراحل على إفساح المجال أمام المرأة الكويتية ومكنها من العمل السياسي، وتولت أول امرأة كويتية الوزارة في حكومة برئاسته عام 2005. ثم بعد ذلك تمت أول مشاركة للمرأة في العملية الانتخابية في أول انتخابات نيابية بعد توليه الحكم، ثم بدخول المرأة لأول مرة كعضو في مجلس الأمة، وعلى صعيد العمل الإنساني، اختيرت الكويت في عهده مركزا للعمل الإنساني، وسمي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قائدا للعمل الإنساني وتقلد المنصب في حفل أقامته الأمم المتحدة، وسوف يُخلف وراءه فراغاً كبيراً في الساحة المحلية والخليجية والعربية والعالمية. كسرة أخيرة: وداعاً القائد العربي الأبرز الذي كرس حياته ووظف طاقاته لخدمة وطنه والأمتين الإسلامية والعربية، ووهب حياته لنهضة بلاده والدفاع عن قضايا الأمة بكل صدق وأمانة وإخلاص، وجميع أفراد الشعب القطري يعزون أنفسهم بفقدانه، ويبعثون بأحر التعازي لأشقائهم وأهلهم بالكويت الشقيقة، ونشكر سمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله، على إطلاق اسم الراحل على أهم طريق حيوي يربط بين شمال الدولة وجنوبها (محور صباح الأحمد)، تقديراً لمواقفه البطولية مع الشعب القطري، ولا ينسى الشعب القطري موقفه عندما تفقد العلم القطري من بين أعلام دول الخليج في القمة الخليجية الأخيرة، رحم الله فقيد الأمة رحمة واسعة "إنا لله وإنا إليه راجعون". الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]