10 سبتمبر 2025
تسجيلفي كُل سنة دراسية نرى تسابقاً شريفاً بين الطلاب بكافة المراحل التعليمية للظفر بجائزة التميز العلمي ليتوج هؤلاء الطلبة بحفل تكريم في لفتة جميلة ومشجعة تُظهر للطلاب أن مجهودهم الدراسي والعلمي محل احترام وتقدير ودعم من القيادة الأعلى في الدولة. ولكن ماذا بعد حفل التكريم؟ هل فعلاً هذا التكريم هو جسر لهؤلاء الشباب المتفوقين لانخراطهم غداً في سوق العمل دون انتظار، ولتمييزهم عند التعيين وإزالة العوائق من أمامهم لكي يتهيأوا ويساهموا في خدمة هذا الوطن؟، أم أن هذا التكريم يظفر به مُدراء المدارس والمدرسة المتخرج منها الطالب بشكل غير مباشر لكي يُقال تلك المدرسة تخرج منها طلاب مُتميزون؟!. رأينا كثيراً من الجهات التعليمية تنشر في الصحف صور مدير المدرسة أكثر من صور الطالب المتفوق نفسه !، وقد تحصل المدرسة على جوائز ويرتفع تصنيفها المجتمعي ويزداد الطلب من الآباء على تسجيل أبنائهم بها!، وأما الطالب فتكريمه ينتهي بعد استلامه لشهادة التكريم!. لستُ هنا بصدد التشكيك في كُل المدراء والمدارس وأن الجميع لا يعمل إلا لمصلحة المدرسة فقط دون طلابها، ولكن هدفي ورسالتي تكمُن في القصة القادمة. طالبة قطرية تتفوق في الثانوية العامة وثمار هذا التفوق أنها تحصلت على المرتبة الثانية على مستوى الدولة، وتُكرم هي ومجموعة من زملائها من الطالبات المتميزات أيضاً، فتأتي هذه الطالبة المُتميزة لتُكمل مشوارها التعليمي بالانضمام إلى الجامعة الوطنية ويستمر معها هذا التفوق ليتوج بوضع اسمها في قائمة العميد في جميع سنوات دراستها في الجامعة، وعند التخرج تفقد درجات قليلة حالت بينها وبين التخرج بتميز من الجامعة. قصة جميلة لمثابرة واجتهاد مواطنة، لتُكمل القصة بتسلسلات غير مُفرحة، تقدمت للتوظيف في تخصصها ولكن جهة العمل التي تناسب تخصصها لم توظفها! أخوات لها بمعدل أقل بكثير من معدلها تم توظيفهن "طبعاً" بواسطة!، بحثت عن عمل وأستغرق بحثها قرابة السنتين، ليتوج تعبها بالتعيين أخيراً "بواسطة" وفي مجال لا علاقة له بتخصصها!، اليوم هذه المتميزة تعمل بوظيفة إدارية بعيدة كُل البعد عن تخصصها، هل هذا هو التميز العلمي، وهل هذه هي الصورة التي سيتناقلها الطلاب ويتحدثون عن قصص تخرجهم بعد حفل التميُز؟، فكم من هؤلاء الخريجين ستكون حالهم كحال هذه المتميزة؟. وجب على الجهة التي تخرج منها الطالب تتبُع المتميزين والاهتمام بهم بعد انتهاء فترة الدراسة والتخرج بالتنسيق والتنظيم مع وزارة التنمية وهيئة التعليم العالي أو الجهات المسؤولة وذلك لسرعة تعيين هؤلاء المتميزين وفي تخصصاتهم، ويجب أن يعلموا أن الاحتفال والتكريم من قبل كبار المسؤولين بالدولة ليس لمجرد الحضور فقط بل رسالة لمؤسسات الدولة والقائمين عليها مفادُها أن هؤلاء هم بذرة المجتمع الجديدة فضعوا كل بذرة في مكانها الصحيح لتنبت في هذا المجتمع وترمي بظلال الفائدة على هذا الوطن ليزيد العطاء، وإلا فما الفرق بين طالب تخرج بمعدل متوسط وطالب تخرج بمعدل سُمي بتميز في حين لا يُميز الخريج هذا لا في التعيين ولا في التوظيف، وقد يكون الخريج المتوسط أوفر حظاً بالتعيين من المتميز، للأسف هذا واقع نراه ونعايشه والأسماء تتحدث. كما أننا لسنا هُنا بصدد الدفاع عن المتميزين فقط، وإن كنا نجعلهم في المقام الأول، بل هذا منطلقنا للحديث عن الخريجين الذين ظنوا أن سنوات دراستهم الجامعية تلك هي الكرت الرابح ليتم تعيينهم مباشرة بعد التخرج "دون واسطة"، ولكن للأسف وجدوا أنفسهم في طوابير الانتظار والمُدهش أن هُناك من تغرب من طلابنا في الخارج وعند عودتهم بعد التخرج لم يجدوا حق التوظيف حتى بعد انقضاء سنة من وقت التخرج. ويقع هذا الأمر وأسبابه بالدرجة الأولى على إدارات الموارد البشرية في وزارات الدولة، والتي يكون فيها التعيين "غالباً " للمعارف والأصحاب وركن طلبات هؤلاء الخريجين إلى ذيل القوائم أو لوقت الحاجة. لا نريد أن يصل أبناؤنا الطلاب إلى الفكر السلبي، فيكون الهدف من الدراسة هو التخرج وبأي مُعدل لمجرد الحصول على الشهادة الورقية وأن يقتصر دور الشهادة على تأمين ترقياته المُستقبلية ومساعدته في الحصول على المناصب الإدارية الإشرافية فقط دون علم يُقدم. أخيراً: القصة المسرودة في المقال هي لحالة رأيتها عن قرب وأفتخر بها كما أني أفتخر بزميلاتها من المتميزات اللاتي اجتهدن لينلن ثمن جهودهن الدراسية وتطلعهن بتطويع هذا العلم في مجال العمل وما زلن يتطلعن للتقدير. bosuodaa@