14 سبتمبر 2025

تسجيل

السمنة.. في زمن الكورونا (2)

01 سبتمبر 2020

قالت الدكتورة فيونا بول مديرة برامج في قسم مراقبة الأمراض غير السارية والوقاية منها بمنظمة الصحة العالمية: إن المنظمة أطلقت توصيات جديدة للقضاء على البدانة في مرحلة الطفولة، وتشمل أولاها: حملات كبيرة في وسائل الإعلام لزيادة وعي المجتمع حول عواقب وأسباب زيادة الوزن والسمنة. وثانيتها: إجراءات لتغيير البيئة المسببة للسمنة وجعل الخيارات الصحية خيارات أسهل، وهذا يشمل وضع قيود على التسويق، ووضع علامات غذائية، واحتمال أيضاً وضع ضرائب على الأطعمة التي تحتوي على كميات عالية من الدهون والسكريات. وثالثتها: التأكد من حصول الأطفال على الأطعمة الصحية وقيامهم بالنشاطات البدنية والمتمثلة في الرياضة والمتنزهات، وتوافر طرق آمنة للسير وركوب الدراجات. أمَّا إذا توجهنا إلى الدراسة الأخرى وهي التي تهمُّنا عن السمنة والبدانة وزيادة الوزن في دولنا الخليجية، فإن منظمة الصحة العالمية كشفت عن دراسة جديدة تفيد بأن معدلات زيادة الوزن في الخليج تعد من أعلى النسب في العالم، إذ تجاوزت نسبتها 70%، وحيث تحوز دولة الكويت المرتبة الأولى عربياً، والثانية عالمياً بانتشار مرض السمنة المفرطة بين سكانها، وربما يكون سبب السمنة في الكويت نتيجة ارتفاع معدلات استهلاك الوجبات السريعة، وأن الكويت لديها أعلى نسبة معدل عمليات تدبيس المعدة من أي بلد في العالم، إذ يجري سنوياً خمسة آلاف عملية في بلد يبلغ تعداده قرابة الثلاثة ملايين ونصف، وأن عدد عمليات السمنة التي يجريها مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي سنوياً يصل إلى (50) ألف عملية، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بعدد سكانها. وتلي دولة الكويت المملكة العربية السعودية ثانياً، ودولة الإمارات العربية المتحدة ثالثاً، وهذا ما يستدعي دق ناقوس الخطر، كما أشار إلى ذلك عدة بحوث وباحثين من أن معدلات السمنة في بعض دول الخليج باتت تنافس وتتجاوز نظيراتها في الولايات الأمريكية، وأن معدلات السمنة آخذة في الارتفاع بشكل ملحوظ وخطير داخل المجتمعات الخليجية، وكما أشار الباحثون إلى أن هذا حاصل من عدة أسباب، أهمها الوفرة العالية في القدرة الشرائية، ووفرة الطعام وسهولة نقله من مناشئ مختلفة، ووصوله وتناوله في غير موسمه، ومنها قلة الحركة أو سهولة طلب الوجبات السريعة ذات السعرات العالية والقِيمة الغذائية القليلة مع خاصية توصيلها للمنازل (Delivery) عبر الإنترنت والمكالمات الهاتفية، إضافة إلى الأسباب التقليدية كالعوامل الوراثية، وبعض أمراض الغدد وغيرها. وختاماً أقول: إن هذه التوصيات وهذه التحذيرات في مسألة السمنة وزيادة الوزن والبدانة وما يتعلق بها من توجيهات وإرشادات وخصوصاً أننا نواجه اليوم في عالمنا فيروس كورونا أو "كوفيد - 19" يتطلب منَّا الوقوف جميعاً أفراداً وشعوباً وهيئات ومؤسسات نحو تحدّيات ومواقف يجب أن نتخذها في مواجهة كل هذه الأمراض وهذه الأخطار، وخصوصاً أن ديننا الإسلامي الحنيف وهدي نبينا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يحثُّنا على ذلك، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: ((مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنه. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ))، وفي هذا الهدي النبوي الكريم تجد التوازن المطلوب في المحافظة على صحة البدن وعافيته، وعلى ما يتوجب تجاهه من حمية غذائية ووصفة طبية ناجحة سبيلاً نحو حياة صحية رشيقة بعيدة عن الأمراض والأسقام، وتجنُّباً للسمنة، وزيادة الوزن والبدانة وآثارها السلبية، وهذا ما أشار إليه الإمام ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) حيث استخلص من هذا الحديث، ومن هذا الهدي النبوي الكريم (مراتب الغذاء) ولخصها في ثلاثة أمور: أولها: (الحاجة)، وثانيها: (الكفاية)، وثالثها: (الفضلة)، فإن هذا هو أنفع للبدن والقلب، وحيث يقول في ذلك إن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض عليه الكرب والتعب، فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن... انتهى كلامه. والله سبحانه وتعالى أشار إلينا بمسألة مهمة وهي مسألة التغيير والتي ذكرها بقوله في الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الآية (11) سورة الرعد. هذا التغيير بشموليته والذي عبّر عنه القرآن الكريم والمتضمن التغيرات السلوكية والأخلاقية، وكذلك أيضاً الصحية ضمان لسلامة المجتمعات البشرية، وهذا الذي نريده ونتمناه لنحقق لحياتنا مستقبلاً أفضل، ولصحتنا عافية وقوة ورشاقة.. ولمجتمعاتنا تقدُّماً وحضارةً وازدهاراً. آخر كلمة: المثل العربي يقول: (العقل السليم في الجسم السليم)، ويقول الطبيب اليوناني (أبقراط) وهو أبو الطب وأبرز الشخصيات في تاريخ الطب عبر التاريخ (عام 460 قبل الميلاد): «المشي هو أفضل دواء للإنسان». وأقول لكم أنا: (صحتكم في خطواتكم). وتمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية. [email protected]