07 أكتوبر 2025

تسجيل

خطاب سمو الأمير المفدى.. تفاؤل بالمستقبل ورسالة لكل مواطن

01 سبتمبر 2013

بداية أحب أن أهنئ قطر أميرا وحكومة وشعبا بانطلاق أول قمر صناعي قطري (سهيل 1) على متن الصاروخ (أريان 5) من الميناء الفضائي الأوروبي بمدينة كورو في غويانا الفرنسية، في منتصف ليلة الجمعة الماضية، معلنة انضمام دولتنا إلى نادي الفضاء الدولي، وقد بدأ العمل على اطلاقه في عام 2009م، نسأل الله التوفيق والسداد للقائمين عليه بما فيه مصلحة الوطن ومنطقة الشرق الأوسط لتنعم بحرية البث الفضائي دون تشويش أو قطع للبث. الأمر الثاني وارتباطا بما سبق، فمع تولي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله مقاليد الحكم في البلاد، وبالرغم من مرور شهرين على توليه زمام القيادة، توالت الانجازات تلو الأخرى وليس آخرها إطلاق (سهيل 1) الذي تم العمل عليه منذ ثلاث سنوات، والأهم إطلاقه للفضاء في عصره الميمون. قد يتبادر للأذهان أن الوقت القصير منذ توليه مقاليد الحكم لا يكفي للحكم على حجم الانجازات، وهذا من الناحية المنطقية صحيح، لكن المتبصر يعلم علم اليقين أنه ومنذ تسلمه لولاية العهد في الخامس من شهر أغسطس عام 2003م، وبتحمله لمسؤوليات العمل ليل نهار، وإشرافه المباشر على كل ما يتعلق بالوطن والمواطن، يؤكد على أنه يكمل مسيرة من سبقه ونهل من علم وحنكة حضرة صاحب السمو الامير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله، وبالتالي فهو يكمل المسيرة التي كان جزءا لا يتجزأ في رسمها ووضعها على الطريق المدروس والموضوع لها. وفي قراءة سريعة لأول خطاب لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، والذي كان شاملا متكاملا في رسم الصورة التي ينبغي أن تكون عليها قواعد الدولة وسياستها سواء في الداخل والخارج، ظلت بعض الجمل التي ألقاها سموه تتردد على مسامعنا بين الحين والآخر، وتهم كل مواطن يعمل في قطاعات مختلفة من قطاعات الدولة المختلفة، فوجه من خلالها دعما معنويا لكل من يحاول أن يخدم وطنه بإخلاص وتفانٍ في العمل، بأنه في محل التقدير، وإلى كل متهاون ومقصر بالمحاسبة على التقصير، ويتضح ذلك في قوله: (إذا وظفنا استثمارات كبرى ولم نحصل على نتائج ملائمة فلا يجوز المرور على ذلك مرور الكرام، لأنه بدل الفائدة يحصل هنا ضرر. وكيف يمكن ألا نحقق نتائج إذا استثمرنا كل ما يلزم؟ فقط إذا حصل سوء تخطيط أو سوء إدارة أي باختصار سوء أداء وإذا رفعت تقارير غير صحيحة وغير ذلك من الأمور التي لا يجوز التستر عليها وتحتاج إلى معالجة فورية وإلا نكون كمن يفسد المجتمع والمؤسسات بصرف المال دون جدوى. وما ينطبق على المخرجات ينطبق أيضا على التعيينات، فلا يجوز أن يعتبر أحد أنه له حق أن يتعين في منصب أو وظيفة عمومية دون أن يقوم بواجباته تجاه المجتمع والدولة)؛ فيجب على الجميع رئيسا أو مرؤوسا وزيرا أو مديرا أو موظفا أن يكون عند حسن الظن والمسؤولية وأن يعمل بجد واجتهاد حتى يرتقي بوطنه وجهة عمله لأعلى المراتب التي من المفترض أن تكون عليه. وأكثر ما يهمنا كمواطنين يعملون في قطاعات حكومية مختلفة، ونترقبها بفارغ الصبر هو الإعلان عن إعادة هيكلة الوزارات بالشكل الذي يمنع الإزدواجية ويعيد دمج ما يستحق الدمج، وفصل بعض الادارات التي تختلف في الأداء، وتمت توأمتها مع إدارات أو وحدات لا صلة تربط فيما بينهما! فكانت سببا في إلغاء أدوار مهمة لهذه الإدارة أو تلك على حساب إدارات ووحدات أخرى، وما أكثرها وفي أكثر من قطاع في الدولة، ولكن أملنا كبير في الدور الكبير الذي رسمه سمو الأمير المفدى مع سمو الأمير الوالد حفظهما الله في رؤية قطر 2030، والتي تم تقسيمها على عدة مراحل استراتيجية، المرحلة الأولى منها (2011 — 2016) والتي مع الأسف توجد وزارات حكومية وضعت خططا استراتيجية لها ولم تتقدم في مشروعها قيد أنملة واحدة!! الأمر الذي دعا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الى أن يؤكد على ذلك في خطابه حين قال: (وسوف نعلن في الوقت المناسب عن خطط لإعادة هيكلة الوزارات لتقليل الازدواجية ولكي تكون جميع المجالات العامة تحت مسؤولية وزارات واضحة ومحددة وهو مشروع بدأنا به السنة الأخيرة في ظل حكم الأمير الوالد وسوف نواصل العمل عليه وتطبيقه). كما أن سموه لم يغفل عن الكنز الحقيقي للوطن وثروته الحقيقية وهو "الإنسان القطري" وشدد على أن الأهم في المواطن بعد التحاقه بالعمل أن تهتم جهة العمل بتطويره وتدريبه والعمل على تنميته حيث أوضح سموه الكريم قائلا: (فيما يتعلق بالتنمية البشرية لا يقتصر الموضوع على مفهوم النمو كزيادة في معدل دخل الفرد بل يصبح الموضوع تحسن أدائه ونبل قيمه وجديته وانتاجيته في العمل واخلاصه لوطنه) وهو دليل على حرص سموه وتأكيده أيضا أن التنمية هي أساس لكل مواطن للترقيه في مجال عمله وسببا رئيسيا لأن يتبوأ أعلى المناصب القيادية في البلد، فيكون عنصرا فعالا ومشاركا أساسيا لنهضة بلاده في مجال عمله، وبالتالي يكون قدوة حسنة في خدمة الوطن، وهو في نفس الوقت يؤكد على أن العمل مستمر في تصحيح المسار، وأن ما يحتاج إلى مراجعة وتعديل سيكون كذلك، ومن يقف على أرض المسؤولية ليس ببعيد عن المحاسبة في ظل دولة لها مؤسساتها ووزاراتها وهيئاتها العامة بموجب القانون ويظهر ذلك جليا في قوله: (فقطر والحمد لله قد أصبحت دولة مؤسسات، وعلى كل وزارة ومؤسسة وهيئة عامة أن تقوم بدورها بموجب القانون بغض النظر عن الشخص الذي يديرها ومعطيات الواقع لم تتغير). ولم يغفل سمو الأمير المفدى عن التذكير بأن سر الولاية الرشيدة والقيادة الحكيمة للأمة تكون بالصدق والعدل، وذلك حين قال: (ما يصنع الولاية الرشيدة عند الأمة هو العدل والصدق والقدوة الحسنة.. قال تعالى في كتابه العزيز: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".. وقال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون". وقال أيضا: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".. صدق الله العظيم)، ولم يكن تأكيد سموه على المصلحة العامة للدولة والمواطن إلا من استشعاره بعظم المسؤولية وهو يقول: (الإخوة المواطنون استكمالا لمسيرة الإصلاح والحداثة رسمنا في عام 2008 خريطة طريق لمستقبل البلاد تحت رؤية قطر 2030 ترمي إلى تحويل قطر بحلول عام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتأمين استمرار العيش الكريم لشعبها)، فكان من الطبيعي أن يضع سموه مصلحة قطر والشعب القطري على رأس سلم أولوياته وهذا يشمل الإنسان والمجتمع والاقتصاد والسياسة والهوية الثقافية، وهو ما دعاه الى أن يقول: (الإخوة المواطنون ينتظرنا جميعا عمل كثير وسوف تجمعنا مناسبات كثيرة لمناقشة قضايا وطننا العزيز على قلوبنا جميعا)، ونحن نقول له "يا صاحب السمو يا أميرنا المفدى، كل كلمة في خطابك كانت رسالة لكل مواطن، وكل جملة من الخطاب تدعو للتفاؤل بالمستقبل، وما اختيارك لمعالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيسا لمجلس الوزراء ووزيرا للداخلية إلا استكمالا ووفاء لمن خدم الوطن بكل ما يستطيع لما هو أفضل"، ورسالتنا لكل مسؤول في منصبه، أو موظف في عمله أن يكون على قدر الثقة وحسن الظن، وعلى وجه الخصوص سعادة الوزراء، فكل منكم تشرف بحمل أمانة عظيمة، في سبيل خدمة هذا الوطن، فعليه أن يراعي الله في مسؤولياته وفي اختياراته وبكل ما يجب عليه القيام به، فلا يكون اتكاليا على عدة أشخاص، وكأنهم تعلموا ما لم يعلمه غيرهم، وكأنهم هم أدرى دون سواهم بالمصلحة العامة لتلك الجهة أو غيرها، وهم من يختارون ويرسمون وأن لا تملك إلا التوقيع فقط، فكل جهة تملك مئات وفي بعض الأحيان الآلاف من خيرة أبناء الوطن، ولكنهم مهمشون مبعدون بكل هدوء!؟ فالواجب عليكم إتاحة الفرصة للجميع والحث على العمل الجاد للمصلحة العليا لجهة العمل وبالتالي للوطن، وعدم اختزال الوزارة أو الهيئة أو المؤسسة في عدة اشخاص والمجال مفتوح وواسع للعمل الجماعي ولمن يمتلكون القدرة على العمل والخبرة في تسيير أمور العمل، فجميع الوزراء الجدد والذين تم التجديد لهم، جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب، ونحن في دولة من عمل فيها بإخلاص وصدق علم به الجميع، ومن عمل على عكس ذلك علم به الجميع أيضا، فكم من مسؤول تولى زمام الأمور بأمر وزاري ولعدة سنوات ولم يقدم شيئا يُذكر، وكم من رئيس تولّى الرئاسة ولم يكن يستحقها، وكم من مدير تسلم الإدارة وعمل على تهميشها، وكم من مستشار لم يقدم ورقة واحدة خلال عدة أعوام، وكم من موظف لم يذهب للعمل منذ فترة طويلة..... وكم وكم وكم، وما يحزن الكثيرين المساواة بين من يعمل ومن لا يعمل في الدرجات والترقيات والبعثات والمكافآت والكثير الكثير من الامتيازات التي تكون لأشخاص دون سواهم، وهو الأمر الذي يخلق حزازات في بيئة عمل لا تصلح للعمل، وإحباط عن تقديم ما هو أفضل، فقانون الموارد البشرية (وهناك قانون جديد سيصدر قريبا إن شاء الله) تم استغلاله على حسب الأهواء والأمزجة، وهو ما سيتم معالجته في القانون الجديد ليكون مكافئا لمن يعمل، وعائقا لمن يأمل!