07 أكتوبر 2025
تسجيلالشيء المؤكد هو أن قطاعي السفر والسياحة يكملان بعضهما في كل أنحاء العالم والوضع ليس مستثنيا فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي. وهنا نشير إلى تجربة شخصية بخصوص قوة قطاع السفر الخليجي على وجه التحديد. في وقت سابق من العام الجاري، حضرت مؤتمرا تحدث فيه دبلوماسي أمريكي يتمتع بصلاحيات دولية للدفاع عن مصالح بلاده، حيث بالغ في تقديم الشكر لبعض ناقلات دول مجلس التعاون. وشدد الدبلوماسي بأنه دائما يجد نفسه في أحد المطارات الخليجية خصوصا دبي والدوحة وأبو ظبي أثناء السفر إلى إحدى المحطات الآسيوية. ورأى بأن بعض ناقلات دول مجلس التعاون خصوصا الإمارات والقطرية والاتحاد قد نجحت في فرض نفسها على خارطة السفر العالمية. بنظرة متفحصة، يلاحظ تميز إمارة دبي على مستوى المنظومة الخليجية فضلا عن دولة الإمارات العربية المتحدة بالنسبة لقطاع السياحة. فقد نجحت الإمارة في تحقيق عوائد فاقت قيمتها عن 10 مليارات دولار وتحديدا 10.4 مليار دولار في العام 2012. يعد هذا الرقم ضخما كونه يمثل 22 في المائة من مجموع العوائد السياحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام الفائت، مصدر هذه الأرقام ليس غير منظمة الأمم المتحدة التابعة للأمم المتحدة وبالتالي جهة تتمتع بمصداقية عالمية. اللافت في الأمر هو نجاح دبي في تحقيق هكذا نتيجة عبر استقطاب 17 في المائة فقط من الزوار الدوليين للمنطقة المشار إليها. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قدرة الإمارة للاستفادة القصوى من زوارها. وطبعا هذا يتطلب توفير ما يحتاجه الزائر من إمكانات متنوعة بما في ذلك الفنادق والمطاعم لإشباع مختلف الأذواق والقدرات المالية إضافة إلى أماكن للترفيه. ويمكن ربط الأمر بشكل جزئي بقدرة دبي في تطوير أفكار تأخذ طابع الحداثة والإبداع مثل الجزر الاصطناعية وتشكيلة واسعة من المجمعات التجارية المتميزة، بل توفر دبي مثالا فيما يخص إمكانية تجاوز معضلة الجو الحار خلال غالبية شهور السنة. بمعنى آخر، ليس من الصواب اعتبار متغير المناخ أمرا سلبيا لا يمكن التغلب عليه. وفي هذا الصدد لابد من الحديث عن الدور الريادي لمطار دبي الدولي، حيث بات المطار ثاني أكثر المطارات استقطابا للزوار الدوليين بعد مطار هيثرو في لندن. بل تعتبر شركة طيران الإمارات مساهما نوعيا في إنجازات مطار دبي بواسطة تسيير شبكة تغطي أهم المحطات العالمية وتسيير رحلات متكررة يوميا إلى مدن مثل بانكوك ونيويورك وسدني. وحديثا أبرمت الإمارات شراكة إستراتيجية تمتد لمدى 10 سنوات مع طيران كوانتوس الأسترالية وبالتالي تعزيز شبكتها الدولية. كما تشغل الإمارات مجموعة من طائرات إيرباص 380 ذات الطاقة الاستيعابية الضخمة والتي تصل لحد 500 مسافر. بل أصبحت الناقلة (فلاي دبي) قصة نجاح غير متوقعة أصلا حسب حديث لصحفي أجنبي يعمل من دبي لإحدى كبريات الصحف البريطانية. وخير دليل على ذلك عبارة عن مضي الشركة قدما في تخصيص مقاعد لدرجة رجال الأعمال رغم أنها طيران اقتصادي. وخيرا فعلت السلطات في الإمارة في ربط المباني الرئيسية لمطار دبي مع شبكة مترو دبي. حقيقة القول، يعد مطار دبي الوحيد بين مطارات دول مجلس التعاون فيما يخص توفير شبكة مواصلات تشمل القطارات الأمر الذي تميز به بين المطارات الخليجية. وعلى هذا الأساس، يمكن تفهم حصول الإمارات على نتائج تتقدم على بقية الدول العربية في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2013 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. فقد نالت الإمارات المرتبة رقم 27 عالميا ما يعني تقدمها بواقع 6 درجات في غضون سنة واحدة ما يعد إنجازا. وكما يقال "إذا فهم السبب بطل العجب" والذي هنا عبارة عن تحقيق قطاع السفر والسياحة عوائد مباشرة وغير مباشرة تقدر بنحو 50 مليار دولار في العام 2012. يعد هذا الرقم ضخما بالنظر لتشكيله قرابة 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في السنة المشار إليها. من ناحية الأهمية النسبية، يعد تمثيل قطاع السفر والسياحة الأعلى من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. على سبيل المثال، يساهم قطاع السفر والسياحية بنحو 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في البحرين. وما يبعث على التفاؤل هو وجود تقدير لقطاع السياحة في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي. على سبيل المثال، تبذل جهود متشعبة من القطاعين العام والخاص في قطر للاستفادة من الإمكانات المتوفرة في مجالي السفر والسياحة. ويلاحظ في هذا الصدد تولي الخطوط الجوية القطرية دور الريادة عن طريق توسيع شبكتها وما لذلك من تأثيرات إيجابية على واقع وآفاق الاقتصاد القطري عن طريق نفقات المسافرين والزوار. حديثا فقط، بدأت القطرية بتسيير رحلات منتظمة إلى مدينة السليمانية رافعة بذلك الرحلات التي تسيرها في العراق إلى خمس مدن بما في بغداد والنجف والبصرة وأربيل. وعلى هذا الأساس، ارتفع عدد المحطات التي تخدمها القطرية إلى 129 محطة. إضافة إلى ذلك، يجري العمل حاليا لتشييد 121 فندقا في قطر في سابقة في تاريخ الاقتصادي لقطر الأمر الذي سيمثل نقلة نوعية في قطاع السياحة في البلاد. مؤكدا، يندرج هذا التطوير في إطار استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022. ويعكس هذا التطور المرحب به التأثيرات الإيجابية لنجاح السلطات في قطر في الحصول على شرف استضافة الحدث الرياضي الأبرز في عالم كرة القدم. ختاما يكمن التحدي الآن في الحفاظ من جهة وتحقيق المزيد من التطوير من جهة أخرى فيما يخص قطاع السياحة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في عصر يتميز بالمنافسة الشديدة حيث الرغبة لاستقطاب نفقات الزوار خدمة للاقتصادات الوطنية.