14 سبتمبر 2025

تسجيل

ذهبت مع الماء

01 أغسطس 2023

تتعرض كثير من النساء حول العالم للعنف والتمييز سواء من الرجال أو من النساء أنفسهن، ورغم أن الإسلام كَرّم المرأة وحفظ مكانتها وقَدّرها بل ووضع الجنة تحت أقدام الأمهات فإنها ما زالت تتعرض للعنف في العالم الإسلامي وإن كانت في أعلى المناصب القيادية، ولا يقتصر العنف على المرأة العربية بل أثبتت الدراسات أن أكثر من ربع النساء اللائي تتراوح أعمارهن من 15-49 يتعرضن مرة واحدة على الأقل في حياتهن للعنف بمقدار 20 % في غرب المحيط الهادئ، 22 % في البلدان المرتفعة الدخل وأوروبا، 25 % في الأمريكتين، 31 % في الشرق الأوسط، 33% في جنوب آسيا، وذلك وفقاً لإحصائيات نشرتها منظمة الصحة العالمية في 2021. ويعرف العنف ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة من الناحية الجسمانية، الجنسية، النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. وأظهرت دراسة في نوفمبر 2022 أجراها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن أكثر من خمس نساء أو فتيات قُتلن في المتوسط كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن في عام 2021، ناهيك عن العنف اللفظي والتحرش الجنسي والابتزاز الإلكتروني الذي بدأ ينتشر بشكل مخيف مع الانتشار الواسع للإنترنت، وطالعتنا الأخبار خلال الفترة الأخيرة عن كثير من القصص لنساء خسرن حياتهن في لحظة طيش أو غضب من الرجال دون التفّكر أو حتى فهم جوانب القصة، فيصب الرجل غضبه على المرأة الضعيفة ويقتلها وكأنه فاقد العقل ومن ثم يستوعب ما حدث ويندم بعد أن يفقدها حقها في الحياة!. ومؤخراً تم عرض عمل درامي كويتي من 5 حلقات على منصة نيتفليكس للمخرج محمد دحام الشمري والكاتبة منى الشمري تناول مجموعة من القضايا الشائكة في المجتمعات الخليجية، والتي تتفرع من تعرض كثير من النساء للعنف بل والقتل وربما ركز على زاوية حق اختيار المرأة في الزواج الذي ما زال مقيداً بكثير من العادات والتقاليد والمفاهيم المتوارثة عبر الأجيال، وسلّط العمل على وضع المرأة في أكثر من حُقبة زمنية وقصص لثلاث نساء فقدن حياتهن تقريباً بنفس الظروف والأسباب تقريباً، وتمّيز عمل ذهبت مع الماء بجرأة في الطرح لتناوله موضوع المرأة، والأعراق واختلاف اللون وتعدد المذاهب والطوائف، كما تم إخراج العمل بطريقة إبداعية مُشوقة ناهيك عن النص والسيناريو والحوار الجميل الملائم مع كل حقبة زمنية، ولعل أبرزها الحقبة القديمة والتي تُمثل فترة البداوة، ونجاح العمل في اختيار الممثلين الذين أدوا أدوارهم بشكل محترف بعيداً عن الصراخ والحوار المبتذل لبعض الأعمال الدرامية الخليجية، وقد نتفق أو نختلف مع بعض الجزئيات أو الرسائل في العمل إلاّ أننا لا ننكر تفوقه كعمل درامي متكامل ويستحق المشاهدة. رغم الجمعيات النسائية المتعددة لمناهضة العنف ضد المرأة ورغم الشعارات الرنانة التي تتبناها الدول العظمى وغيرها ورغم الأصوات المنادية بأهمية حقوق المرأة وعدم تعرضها للعنف بأي شكل من الأشكال ورغم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في هذه الجزئية ورغم القانون الدولي الذي يطبقه العالم ورغم مناداة بعض الرجال بحقوق المرأة فإنه ما زالت كثيرات من النساء يتعرضن للعنف بكل أشكاله سواء كان جسديا بالضرب، التحرش، الاغتصاب، أو اللفظي بالاستدراج والاستغلال للعاطفة آو بالتحقير والازدراء وعدم الثقة بالقدرات أو الابتزاز بالفضيحة ونشر الصور أو المعلومات وغيرها، والمؤلم عندما تتشارك بعض النساء غير السويات (اللائي تدمرت حياتهن لأسباب تعود للعنف بالتأكيد) في تعريض المرأة للعنف والاستغلال ويساهمن في دمار حياتها! . ستظل قضية لا لعنف المرأة مستمرة إلى الأزل، لأنه مهما تطورت الأجيال تظل بعض الأفكار متأصلة في أذهانهم ورغم أنها أفكار غير منطقية لكنها أعراف وأحياناً تكون الأعراف أقوى من التعاليم الإسلامية والقوانين!.