13 نوفمبر 2025
تسجيلمرةً جديدةً، بدتْ آثارُ الإصابةِ بالسَّكتةِ السياسيةِ واضحةً على الحلفِ الظبيانيِّ. فاجتماعُ وزراءِ خارجيةِ دولِـهِ في الـمنامةِ لم يأتِ بجديدٍ، وإنما امتلأ بالهذيانِ الـمُعتادِ عن دورِ بلادِنا في دعمِ الإرهابِ، والتحريضِ على الكراهيةِ. وكان واضحاً فيه غيابُ الإسلامِ والعروبةِ، وغيابُ السعوديةِ، أيضاً، رغم حضورِ وزيرِ خارجيتِها. فقد استُـنْزِفَ الرصيدُ السياسيُّ والدينيُّ للمملكةِ حين قبلتْ الدخولَ في حِـلفٍ يُشرفُ عليه محمد دحلان، الـمندوبُ الصهيونيُّ الـمقيمُ في أبو ظبي، وتشاركُ فيه دولتانِ هامشيتانِ هما جزيرةُ صدى الصوتِ الـمُسماةِ بمملكةِ البحرينِ، ومصرُ السيسي التي لا تعدو كونَها دولةً وظيفيةً يلهثُ حاكمُها الظبيانيُّ عبد الفتاح للارتزاقِ بعَمالتِـهِ وتهريجِـهِ وبذاءةِ إعلامِـهِ بعدما قادَها إلى منطقةِ انعدامِ التأثيرِ السياسيِّ والاقتصاديِّ والعسكريِّ.دولُ الحِـلفِ تُدركُ أنَّها لا تستطيعُ تصعيدَ إجراءاتِها إلى مستوى أعلى لأسبابٍ كثيرةٍ يتعلقُ بعضُها بالولاياتِ الـمتحدةِ التي لا تريدُ للمراهقةِ السياسيةِ لأبو ظبي وحلفائها أنْ تؤثِّـرَ سلباً على السياساتِ والـمصالحِ الأمريكيةِ في الخليجِ العربيِّ. وبعضُها ناتجٌ عن قصورٍ في التخطيطِ الاستراتيجيِّ للحلفِ حين ظَنَّ أنَّـهُ قادرٌ على القيامِ بمغامرةٍ سريعةٍ ينتجُ عنها سَلْبُ سيادةِ بلادِنا، ونَهْبُ احتياطيها الـماليِّ الضخمِ، وتهيئةُ الأوضاعَ لإقامةِ إمبراطوريةٍ إماراتيةٍ في جنوبِ شبه الجزيرةِ العربيةِ، وانهاءِ القضيةِ الفلسطينيةِ بالاعترافِ بالكيانِ الصهيونيِّ. لكن الحلفَ لم يدرسْ جيداً موازينَ القوى في الـمنطقةِ، ولا اهتمَّ بالرفضِ الشعبيِّ العربيِّ لسياساتِ أبو ظبي وموظفها السيسي، فكانت الصدمةُ كبيرةً حين تَـمَّ تحجيمُـهُ دَولياً، وحين انعكستْ جريمتُـهُ إيجاباً على بلادِنا. لنقرأْ ما أسفرَ عنه اجتماعُ الـمنامةِ في نقاطٍ: 1) أقرَّتْ دولُ الحصارِ، مُرغَمَةً، بقبولِ الحوارِ سبيلاً لحلِّ أزمتِها بعد شهرينِ من الإصرارِ على رَفضِها له، وتهديداتِها العنتريةِ التي تعودُ بنا إلى عصورِ ما قبلَ الدولِ الحديثةِ والقانونِ الدوليِّ. 2) أرادتْ تلك الدولُ الحفاظَ على ماءِ وجهِـها، فَزَيَّنَتْ إقرارَها بحُزمةٍ من الشروطِ التي تُدركُ أنَّها غيرُ مقبولةٍ دولياً، وسبقَ لبلادِنا أنْ رفضَتْها، كتنفيذِ الشروطِ الثلاثةِ عشرَ. وهذه حالةٌ مفهومةٌ سياسياً حيثُ يقومُ الخَصمُ برَفْعِ سقفِ مطالبِـهِ ليصلَ بها إلى حدٍّ أدنى يُمَـكِّنُـهُ من الحديثِ عن انتصارٍ ولو كان هزيلاً. 3) قامَ وزيرُ خارجيةِ جزيرةِ صدى الصوت بتوصيفِ بلادِنا للمرةِ الثانية كعدوٍّ، وهذه زلَّـةٌ لا تُغْتَـفَرُ. فهذا الوزير الذي كاد ينوحُ حزناً في تغريدةٍ له يرثي بها شيمون بيريز، القيادي الصهيوني، لا يخجلُ وهو يصفُ قطر بالعدوِّ، مما يدفعُنا للتفكيرِ طويلاً في جدوى الإبقاءِ على علاقاتٍ مع تلك الجزيرةِ مستقبلاً. 4) كان منظرُ وزيرُ خارجيةِ السيسي يثيرُ الشفقةَ والتعاطُفَ. فالرجلُ يكادُ ينفجرُ وهو يصرُّ على تنفيذِ الـمطالبِ الثلاثةِ عشرَ لأنَّ عبد الفتاح وإعلامَـهُ بنوا قصوراً و هم يفكرونَ ويُصرِّحونَ بأنهم لن يقبلوا بأقل من ثلاثمائةِ مليار دولار تعويضاتٍ يتوهمونَ أنَّ قطر ستدفعُها لهم. 5) إشارةُ وزيرِ خارجيةِ جزيرةِ صدى الصوت إلى أنَّ التفاوضَ سيكونُ تحت مظلةِ الوساطةِ الكويتيةِ تعني أنَّ دولَ الحصارِ تعلمُ بأنَّ الـمجتمعَ الدَّوليَّ ضدها، وأنَّ الأفضلَ لها إبقاءُ الأمرِ بعيداً عن إشرافٍ دوليٍّ، وهو ما ينبغي علينا رَفضُـهُ منذُ البدايةِ. 6) من الأمورِ الـمُثيرةِ للسخريةِ، أنَّ وزيرَ الخارجيةِ السعودي كان مرتبكاً جداً وهو يكذبُ بشأنِ الحجاجِ القطريينَ متهماً بلادَنا بأنها تُسيِّسُ القضيةَ. هذا الإسفافُ كان عنصراً جديداً من عناصرِ استنزافِ رصيدِ السعوديةِ في القلوبِ، وكم تمنينا لو لم يُصَرِّحْ بذلك. كلمةٌ أخيرةٌ: أنصحُ (الأشقاء) بالتعقُّلِ، فنحنُ شعبٌ يلتفُّ حول القامةِ الشامخةِ لسموِّ الأميرِ الـمُفدى يستمدُّ منها وطنيتَـهُ وكرامتَـهُ، ولا سيسي ولا حفتر عندنا يشترونهما بالـمالِ الظبيانيِّ الحرامِ.