27 أكتوبر 2025
تسجيلحقيقة لم تكن مشكلة كبيرة، ولا حتى مجرد مشكلة، أن تنفرد " ليز" بتأثيث البيت، واختيار زوايا خنقه، وزوايا تنفسه، وأين تضع زهرة بلاستيكية، وشجرة حية ذات رائحة مملة، إلى أي مدى ستمتد بأوامرها تلك السجادة المزركشة؟ وتصرخ في الحائط تلك اللوحة الصارخة بحناجر الألوان كلها؟ وكيف سترتب جلوس الضيوف إن جاءنا ضيوف، وتمنع عبث الأطفال بأواني الزجاج والخزف إن صحب الضيوف أطفالا معهم، وأبدى الأطفال اهتماما وغدا بالتحف المبعثرة هنا وهناك؟ كانت باستثناء تصلدها في ذلك الشأن، امرأة جيدة إلى حد ما، لها حظ متجدد من الجمال، والمرح، وتبدو أحيانا في غاية العذوبة، لدرجة أخاف فيها من أن تذوب. وبالرغم من أنها لم تنجب أطفالا، بسبب إزالة الرحم في سن مبكرة، نتيجة لنزيف متكرر، إلا أنها لم تبتئس، ولم تغير رونقها في تذوق الحياة قط، لم تلغ تسريحة شعرها التي يبدو فيها الشعر، نهرا ليليا، ناطقا بالإثارة، لم تغير أحلامها، في أن تسمع صراخ أطفال في البيت، ولجأت في كثير من الأحيان، إلى دعوة أمهات حديثات الولادة، ليؤججن صراخ الرضع، داخل البيت، وأحيانا تزور بيت اللقطاء، أو بيت الأمل كما يسمونه، حفاظا على مشاعر سكانه في المستقبل، تتأمل الأطفال، وتبدي رغبة في تبني أحدهم، لكنها تخاف أن يظهر من يختطفه منها مستقبلا، وحين أتيت لها منذ عامين، بولد يتيم، في السادسة، من رحلة لي إلى غرب البلاد، وكان من أقارب سائقي مثقال، ومات أبواه في حادث قتال قبلي، وقلت لها: سيعيش معنا: ضحية، ابتهجت بالولد، لكن الاسم شك أذنيها وأثارها لدرجة السخط، احتضنت الولد، وهي تردد: ضحية هذا يدفن في موقع الحرب والجوع والقتل هناك، إنه منذ اليوم: أيهم جمعة. كان جمعة هو اسمي بالطبع، جمعة راضي الحداد، لكنها المرة الأولى التي أسمع فيها باسم أيهم، ولم أجرؤ أن أسأل عن معناه، أو كيف خطر ببالها هكذا، في جزء من الثانية، وهي تبكي، والولد المتوحش، الخائف، منجر إلى أحضانها بالقوة، وتذكرت فجأة، أنه أحد الأسماء التي اقترحتها لأبنائها القادمين منذ تزوجت، وأخبرتني بها، وخبأتها بعد ذلك داخلها، قبل أن تنهي إزالة الرحم كل علاقة لها بالإنجاب.