14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من مواطن الخلل والضعف لدى المفكرين المسلمين تلك النظرة المتشائمة للتراث الفكري الإسلامي فيما يخص أفكار السلف. بمعنى أن نظرتهم لهذا التراث هى محصورة فى قناة مغلقة تقفز بالفكرة وصاحبها مباشرة من الزمن السالف إلى الناقد المتأخر الذي يتناولها. وهذا يؤدي دائما إلى نتائج مشوهة للأفكار السابقة العهد. فبينما لا اختلاف هناك على الحديث النبوى في معاني وروح متنه عبر العصور ، وهو علم قائم بذاته ، وكذلك تراث اللاحقين الأولين من كبار المفسرين والمحدثين والفقهاء الذين بينوا معالم الطريق وشيَّدوا نموذج بناء أمة الإسلام ووطَّدوا بناء الفكر الإسلامي، نرى أنه قد يحتاج فكر المتقدمين بالذات بعد القرن الرابع الهجرى تقريبا إلى مزيد من التوضيح أو حتى إعادة تقييم تفسيره القائم على أصوله وفق ما يستجد من دواعٍ ومن ظروف واعتبارات دون المساس بأصل الفكرة وكمالها في وقتها والذي يعطيها الأصالة والقوة الدافعة ولكن أبدا ليس إلى إلغاء أو تفسير جديد ولكن يجب فى البدء الأخذ باستيعابها في سياقها الظرفي الأصلي، أي نأخذها بما يمكن أن نسميه شهادة التاريخ لها. هذا يساعد كثيرا في توضيح الرابط المنطقي مع مرور الزمن ويقوي الحجة اللازمة للاستيعاب التاريخي السليم للفكر الإسلامي. وهذا يعتبر حصانة لهذا الفكر في مسيرته التاريخيه. وهكذا نرى إن ما يعتري تقييم النقاد المتأخرين لأفكار المتقدمين من انحراف يزداد بزيادة البعد الزمني. يجب أن تكون للناقد نظرة شاملة متعدِّية ذات تسلسل منطقيمتصل من منظور متباعد تستشف ما يدل على روح ذلك العصر الذي نمت فيه الفكرة والتفاعل مع معطيات زمنها. يجب على الناقد أن يتحرى الفكرة في إطار نسيج متراكب ومتكامل بالنقد الواعي المستوعِب للمعطيات الكونية لفلسفة التاريخ ومراحله التي تشكلها ديناميكيته الحضارية، وفي نفس الوقت يجب نقد تاريخ العقل الإسلامي في كليته ورصد نجاحاته وإخفاقاته وهمومه وفرحه على امتداد ذلك السياق فهذا يبين المنهج المطلوب. هذا المنحى يبين الأصالة الكامنة في تلك الأفكار والتيتضمنتها في زمنها ويبين انعكاسها على الأزمنة اللاحقة، بينما النظرة المتفردة المنعزلة والتي لا تعي بما يلقيه التاريخ على الفكرة وإطارها من أثر محتوم يقود إلى التركيز على كل ما هو سلبى فيها بمقاييس مفهوم زمننا الحالي. فالفكرة عادة ما تزداد سلبية في ظاهرها مع تقدم الزمن حتى تصل لمرحلة الجنوح التام والهرم لو لم يتم تداركها كما أسلفنا بمعادلة ذلك الأثر الحتمي للزمن، لذا يجب التعامل مع أفكار السلف من خلال إطُار فلسفة التاريخ وحكمته.