15 سبتمبر 2025

تسجيل

منزلة البصيرة

01 يوليو 2014

ذكرنا في مقال البارحة أن البصيرة كما قال ابن القيم على ثلاث درجات، من استكملها فقد استكمل البصيرة: بصيرة في الأسماء والصفات، وبصيرة في الأمر والنهي، وبصيرة في الوعد والوعيد وتحدثنا عن النوع الأول وهو: البصيرة في الأسماء والصفات.ثانيا: البصيرة في الأمر والنهي: المؤمن الذي ألقي في قلبه نور، فرأى به الحق حقاً والباطل باطلاً، لا يتأثر لا بتقاليد ولا بعادات ولا بأهواء، فإذا وجد من يعبد الدينار أو الدرهم أو الموضة أو غير ذلك، رجع إلى أمر الله ونهيه؟ وعاش بينهما ليدرك ما الواجب فعله وما الواجب تركه، إذن المؤمن يرى أن أوامر الله وطاعته هي أثمن شيء، أما غير المؤمن يرى العادات والتقاليد السائدة معيارا للأوامر والنواهي، فغير المؤمن إمعة. يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، وكل إنسان يقول لك: هكذا الناس، هكذا نشأنا، هكذا جميع الناس، كلهم على خطأ. هذا أعمى البصيرة، قال تعالى:﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ فليس في حياة المؤمن تقليد أو هوى ولا شبهة. تحول بينه وبين طاعة الله، ولا شهوة تمنع تنفيذ أمر الله، ولا تقليد يريحه عن بذل الجهد في تلقي الأحكام من مشكاة النصوص، هذه بصيرة الأمر والنهي.ثالثا: بصيرة الوعد والوعيد: وهي أن تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر، عاجلا وآجلا، في دار العمل ودار الجزاء، وأن ذلك هو موجب إلهيته وربوبيته، وعدله وحكمته، فإن الشك في ذلك شك في إلهيته وربوبيته، بل شك في وجوده، فإنه يستحيل عليه خلاف ذلك، ولا يليق أن ينسب إليه تعطيل الخليقة، وإرسالها هملا، وتركها سدى، تعالى الله عن هذا الحسبان علوا كبيرا.إن المؤمن الحق يستعين على حياته بربه، ويدرك أن المصائب إما مكفرة لذنوب مضت أو رافعة للمرء بين يدي الله يوم العرض. لذا يؤمن أن الله لا يترك ظالما إلا لحكمة، فالظالم والمرابي والقاتل والزاني وكل من أجرم من حق نفسه وحق غيره حتما ينتقم الله للمظلوم من الظالم فالمؤمن الصادق يرى مصائب الناس، يرى المرابي لابد من أن يهلك، يرى الزاني لابد من أن يهلك، يرى الذي يأكل المال الحرام لابد من أن يهلك، يرى الذي يعتدي على حقوق الناس لابد من أن ينتقم الله منه، كل منحرف لابد من أن يدفع الثمن باهظاً، يرى النتائج، يكاد المؤمن يرى ما سيكون، لا عن علم بالغيب، هذا مستحيل، ولكن عن علم بقوانين الله عز وجل وإيمانا بالوعد والوعيد فالصالح له أجره وفضله والفاسد له عقابه ووزره.﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾.