12 سبتمبر 2025
تسجيل- ( عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن فسأله عن الأشربة تصنع بها، فقال: وماهي؟ قال: البَتْع والمَزْرُ، فقيل لأبي بردة: ما البَتْع؟ قال: نبيذ العسل، والمَزْرُ نبيذ الشعير، فقال: كل مسكر حرام" ) رواه البخاري ( وخرّجه مسلم ولفظه قال" بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ومعاذا إلى اليمن، فقلت: يارسول الله إن شرابا يصنع بأرضنا يقال له المزر من الشعير، وشراب يقال له البتع من العسل، فقال: كل مسكر حرام" ). ( وفي رواية لمسلم" فقال: كل ما أسكر عن الصلاة فهوحرام" ) ( وفي رواية له قال" وكان رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قد أعطى جوامع الكلم بخواتمه فقال: أنهى عن كل ماحرّمت الخمر عند حضور وقت الصلاة لما صلى بعض المهاجرين وقرأ في صلاته فخلط في قراءته، فنزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون} وكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي: لا يقرب الصلاة سكران، ثم إن الله حرمها على الإطلاق بقوله {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } فذكر علة تحريم الخمر والميسر وهو القمار، هو أن الشيطان يوقع بينهم العداوة والبغضاء، فإن من سكر اختلّ عقله، فربما تسلّط على أذى الناس في أنفسهم وأموالهم، وربما بلغ إلى القتل، وهي أم الخبائث، فمن شربها قتل النفس و زنى وربما كفر. وقد روي هذا المعنى عن عثمان وغيره، وروي مرفوعا أيضا: ومن قامر فربما قُهِر وأُخِذ ماله قهرا فلم يبق له شيء فيشتدّ حقده على من أخذ ماله، وكل ما أدى إلى إيقاع العداوة والبغضاء كان حراما، وأخبر أن الشيطان يصدكم بالخمر والميسر عن ذكر الله وعن الصلاة , فإن السكران يزول عقله أو يختلّ , فلا يستطيع أن يذكر الله ولا أن يصلي. ولهذا قالت طائفة من السلف إن شارب الخمر تمر عليه ساعة لا يعرف فيها ربه ، والله سبحانه وتعالى إنما خلقهم ليعرفوه ويذكروه ويعبدوه ويطيعوه، فما أدى إلى الامتناع من ذلك وحال بين العبد وبين معرفة ربه وذكره ومناجاته كان محرما وهو السُّكْر، وهذا بخلاف النوم، فإن الله تعالى جبل العباد عليه واضطرهم إليه , ولا قوام لأبدانهم إلا به إذ هو راحة لهم من السعي والنصب، فهو من أعظم أنعم الله على عباده,، فإذا نام المؤمن بقدر الحاجة ثم استيقظ إلى ذكر الله ومناجاته ودعائه كان نومه عونا له على الصلاة والذكر، ولهذا قال رجل من الصحابة: - إني احتسب نومي كما أحتسب قومتي - ، وكذلك الميسر يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فإن صاحبه يعكف بقلبه عليه ويشتغل به عن جميع مصالحه ومهماته حتى لا يكاد يذكرها لاستغراقه فيه. ولهذا قال علي ( رضي الله عنه ) لما مر على قوم يلعبون بالشطرنج : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ ) فشبههم بالعاكفين على التماثيل. وجاء في الحديث ("إن مدمن الخمر كعابد وثن" ) فإنه يتعلق قلبه به، فلا يكاد يمكنه أن يدعها كما لا يدع عابد الوثن عبادته، وهذا كله مضاد لما خلق الله العباد لأجله من تفريغ قلوبهم لمعرفته ومحبته وخشيته وذكره ومناجاته ودعائه والابتهال إليه، فما حال بين العبد وبين ذلك ولم يكن بالعبد إليه ضرورة , بل كان ضررا محضا به كان محرما .