13 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن ترجمة نص ما، أو نقله من لغتة الأصلية إلى لغة أخرى، مسألة غاية في الصعوبة، ويشمل ذلك جميع النصوص المراد ترجمتها، سواء إن كانت علمية أو دينية، أو أدبية أو تراثية، الأمر هنا يتطلب إلماما تاما باللغتين اللتين يتعامل معهما المترجم، وغالبا ما تكون اللغة التي ينقل إليها، هي لغته الأصلية، أيضا يتطلب الأمر لياقة من نوع آخر، أقصد لياقة التعامل مع النص وإيجاد مخارج بديلة لبعض المفردات في اللغة المنقول إليها، من دون إقحام لمفردات أو جمل بعينها ربما تضر الكتاب أكثر مما تنفعه، وتثير بعض ردود الأفعال غير المطلوبة، وربما خسائر كثيرة يتحملها المترجم، وناشر الكتاب معا. وقد تعودنا منذ الصغر على قراءة الكتب المترجمة، من دون أن نعرف إن كانت ترجمة صادقة أم لا؟، إن كانت قد اتبعت فنيات الكتابة الأصلية؟، أم اخترعت فنيات بديلة، للغة البديلة، لكن بالتأكيد عشنا أجواء تلك الكتب بامتياز، أجواء روسيا القديمة وأوروبا وأمريكا، وتعرفنا على واقعية أمريكا اللاتينية من تراجم جميلة فعلا، وبالتأكيد لمعت أسماء لمترجمين نقلوا كل ذلك بكل ود وجهد، منهم القدير صالح علماني، مترجم اللغة الإسبانية، وعفيف دمشقية، وظهر أخيرا سامر أبو هواش كواحد من الذين ترجموا من الإنجليزية، روائع لكتاب مثل حنيف قريشي وغيره. القارئ للغة المترجم إليها الكتاب، لا يكتفي بالترجمة فقط والجو العام للكتاب الذي يتعرف إليه، عبر تلك الترجمة، هو قطعا يبحث عن الفن داخل الترجمة، والفن هنا، هو أن يحاول المترجم أن يرتقي بأدواته، لتقترب من العمل الأصلي. والمترجمون الذين ذكرتهم، أجد فيهم هذه الخاصية، وهناك كتب قرأتها بالإنجليزية، والعربية، وما وجدت فرقا كبيرا، وتحضرني مقولة ماركيز في حق مترجمه الإنجليزي، حين قال بأنه لو كتب بالإنجليزية، ما كان سيفعل أفضل منه. بالنسبة لترجمة الكتب العربية إلى لغات أخرى، تكمن المعضلة، فاللغة العربية بالرغم من غزارتها، وتفردها وأنها مليئة بالإيحاءات، وهي لغة القرآن الكريم، إلا أن الاهتمام بها خارجا، معدودا جدا، قلائل من الدارسين تستهويهم هذه اللغة، وقلائل من المترجمين، يمكن وصفهم بأنهم أجادوها، حد نقل فنياتها إلى لغاتهم الأصلية، وهناك مترجمون عرب، ينقلون عنها إلى لغات أخرى، وهم أيضا معدودون على أصابع اليد، لذلك نجد من يصف آدابنا بأنها متخلفة، بناء على ترجمات سيئة، قرأها، هناك من لا يتفاعل مع نصوصنا المترجمة كثيرا، وإن حدث، فلا بد مع نص ترجم بعناية. نحن مطالبون إذن بالاهتمام باللغة العربية أكثر، بتشجيع الغرب على فهمها واحتوائها، وبذلك تنتشر الكتابة العربية.