10 سبتمبر 2025
تسجيلهناك من الناس من جنحت به الدنيا عن جادة الصواب وجرته إلى عواديها وأشغلته بكل ما فيها من زخرف وملذات وبهرجة ومتاع زائف وزائل لا محالة، وانساق وراءها كما تساق الإبل إلى مراعيها لا يتوانى عن فعل أي شيء يوصله لتحقيق هدفه المنشود حراماً كان أو حلالا سيان عنده! حتى لو ظلم أو أكل حقوق الناس أو شق عليهم فهو حرث فيها وزرع وروى فنال الدنيا وزاده الله في حرثه مصداقا لقول رب العزة والجبروت الحي الذي لا يموت، لكن للأسف هذا المسكين والذي لو بدا لك ثريا ومرفها في حقيقة الأمر هو مدعاة للشفقة ليس له نصيب وحظ في الآخرة إذا لم تغمره رحمة الله جل شأنه وتنزه عن كل نقص. فهو نسي الآخرة وضيع بسببها الأهم عوادي الآخرة ولم يسع لها ويُنمي حرثه فيها ويزرع من بذور الحسنات ويُسقيها من ماء شتى العبادات وفعل الخيرات! ومن جني الحسنات ويتعب من أجلها وهي والله تستحق أن يتعب لها الكيّس الفطن ويجني بعد ذلك ما زرعته يداه من ثمارها النادرة التي لا يوجد مثلها في الدنيا. كما سوف يرى في مزرعته شيئاً لم تر عينه قط مثيلا له ولا يتصوره عقل ولا سمع من قبل بشيء مثله ولا خطر على باله! فملكه باق له لا يفنى ولا ينقص بعكس ملكه في الدنيا حتى ولو طالت به الأيام لابد أن يذهب إلى غيره ويزول عنه بعد مماته ولربما هو من تحمل وزره. والعاقل من جعل ما زرعه في الدنيا مُكملا لما زرعه في آخرته ويكون بذلك جنى من ثمار المزرعتين ونال المُنى المنشود الذي غفل عنه كثير من الناس وخاصة من يشك بوجود آخرة وجنة ونار وحساب وعقاب وفائز وخسران.