10 سبتمبر 2025
تسجيلفي يوم 22 مارس 2024، تعرضت روسيا لأعنف عملية إرهابية منذ تولي بوتين السلطة عام 2000، والتي نفذها إرهابيون على قاعة «كروكوس سيتي» الموسيقية التي لا تبعد كثيرا عن موسكو. وراح ضحيتها أكثر من 150 قتيلا وعشرات الجرحى. وأثارت العملية جدلا وتساؤلات لا حصر لها بشأن منفذها وأهدافها وتوقيتها، وكذلك تداعيتها على مستويات عدة. فالعملية قد نفذت بعد يومين فقط من إعادة انتخاب بوتين كرئيس للمرة الخامسة. كما نفذت أيضا في ضوء تصعيد بين حلف الناتو وروسيا، وخلافات من ناحية أخرى بين المجموعة الغربية حول الدعم العسكري لأوكرانيا.. وغيرها من المعطيات المرتبطة بالعملية التي فاقمت الجدل حولها. لم تمض ساعات قليلة على وقع العملية حتى أعلن الفرع الأفغاني التابع لتنظيم داعش المسمى «داعش خراسان» مسؤوليته الكاملة عن العملية الإرهابية. ورغم ذلك، تضاربت الأقوال الرسمية والتحليلات حول هوية المنفذ، ففي حين أكدت واشنطن مسؤولية التنظيم عن الحادثة وقالت أيضا إنها حذرت موسكو من عمليات إرهابية من قبل التنظيم قبل وقوع العملية بفترة قصيرة. نفت موسكو في البداية أي صلة بالتنظيم عن العملية، متهمة أوكرانيا بصورة مباشرة. لكن لم يمضِ يومان حتى أعلنت موسكو عن تورط التنظيم في العملية لكن بدعم وتواطؤ أوكراني، وهو ما أكده الرئيس بوتين علانية في لقاء متلفز. ومن الملفت أن كثيرا من التحليلات الصحفية يكتبها صحفيون ومحللون مرموقون؛ قد كذبت تلك الروايات الرسمية. يمكن القول، إن للعملية الإرهابية على موسكو عدة تداعيات مؤكدة على ملفات محددة. لكن المشكلة تكمن في صعوبة الجزم أي من تلك التداعيات سيتم ترجيحه على الآخر في سياق ذات الملف في المستقبل القريب. إذ تحمل تداعيات كل ملف سيناريوهين أو أكثر يسيران بصورة متناقضة. وبطبيعة الحال تعد الحرب الأوكرانية من الملفات الأولى التي ستطالها تلك التداعيات. يتبين من إصرار موسكو على إقحام أوكرانيا بصورة أو بأخرى في العملية الأوكرانية، على أن الحرب الأوكرانية قد تشهد في الشهور القادمة مزيدا من العنف والحسم من جانب موسكو. لكن على الجانب الآخر من الزاوية، نجد أن روسيا قد انخرطت فعليا في جبهة قتال شرسة أخرى مع الإرهاب وافد من حدود ملتهبة خاصة أفغانستان، تستلزم حشد المزيد من التركيز والموارد، والأصعب على موسكو حتمية التعاون الاستخباراتي مع الأعداء الغربيين وخاصة واشنطن. ويجب الوضع في الاعتبار أن المعارضة الروسية وجانبا كبيرا من الصحف العالمية، تحمّل القيادة الروسية المسؤولية الكاملة عن العملية الإرهابية بسبب الإفراط في التركيز على أوكرانيا على حساب المواجهة الحاسمة للإرهاب الذي يهدد روسيا على جميع حدودها بحسبان ذلك الأولوية وليس أوكرانيا. وبالقطع من العسير جدا ترجيح أي من السيناريوهين، لكن نظن أن العملية الإرهابية قد يكون لها مردود إيجابي على الحرب الأوكرانية وذلك من حيث تخفيف حدة العنف، وبدء عملية تسوية للحرب بدعم غربي - صيني. أحد التداعيات الأخرى ذات الأهمية الكبيرة وذات صلة أيضا بالحرب الأوكرانية، يتمثل في تداعيات العملية على شعبية الرئيس بوتين. بنى بوتين منذ توليه الرئاسة عام 2000 جزءا كبيرا من شعبيته باعتباره حامي روسيا من خطر الإرهاب، حيث بدأ ولايته الأولى بحرب عنيفة ضد المتمردين في الشيشان. ورغم من يرى أن العملية بغض النظر عن تواطؤ موسكو فيها، ستصب في صالح زيادة شعبية بوتين. يرى آخرون، أن مردود العملية شديد السلبية على شعبية بوتين حيث أفقدته جزءا كبيرا من شرعيته، حيث أصحبت تتهم الأجهزة الأمنية بالضعف والإهمال والعمل لحماية النظام وليس الشعب.