26 أكتوبر 2025

تسجيل

عروبة وإسلام

01 أبريل 2015

بدايةً؛ يجب القول إنّ ثنائية الإسلام والعروبة في جدليتهما جديد وطارئ، وإن كانت جذورهما ضاربة في العمق، لأمةٍ عريقة كأمّتنا استطاعت أن تقاوم عوامل الفناء والعدم سنين عدداً، وما زالت، ولا تزيد جهات الصراع تتكالب عليها، كلّما أوجسوا منهم خيفة، وفي كلّ صراع، فقد تشكّل مفهوم أمّة على تخوم القرن السادس الهجري في ماعون جغرافي يحيطه البحر من ثلاث جهات، وبمجاورة أمم لها ماضيها الإمبراطوري، وفي ظلّ نهوض أدبي اجتماعي وسياسي.ثمة حادثتان وسمتا هذه الفترة وأيقظتا القلق في الجماعة من الجنوب والشمال، فتزامنا مع ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم حين كان الأحباش يتقدمون نحو مكة العاصمة الدينية والثقافية للعرب من ناحية، ولكن هزيمة أبرهة أسست لعلاقة بين العربي والدين، وأعلت من قيمة موسم الحج المسبوق بموسم تجاري أدبي بالقرب وأعني به عكاظ، ولا يبقى من الغزوة إلاّ أيقونة أبي رغال التي ستتردد كثيراً كأول خيانة بداية تشكل الأمة، متذكرين أرجوزة عبدالمطلب:لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبداً محالك فيما في الشمال يمتد نفوذ القبائل، والممالك العربية الصغيرة، وتؤسس لوعي بالذات، ويبرز ملمحها الأبرز في “ذي قار” حين تجمّعت قبائل الشمال العربية بقيادة شيبان، وكان النصر على الفرس في الحادثة المشهورة مجالاً متاحاً لغنائيات النصر، والانتشاء القومي لو أنّ كلّ معدٍّ كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهمُ الشرفُكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين، ويبرز الحديث الذي روي عنه “هذا أول يوم ينتصف فيه العرب من الفرس وبي نصروا” وفي الحديث دلالتين الأولى قومية في الشعور الذي تملك الرسول الكريم كعربي والثاني الإشارة الدينية في نشيد المقاتلين “يامحمد يا منصور”.لعلّ بحثنا في جذور الخطاب الشعري يكشف لنا، البيئة التي نشأ فيها هذا الخطاب، ويبيّن ظروف نشأة أمّة، لاتخلو من هيمنة المقدس، فالعرب المستعربة هم أولاد سيدنا إسماعيل نبي إبراهيم عليه السلام الذي سكن مكة وبنى البيت العتيق، ومنه فإن المقدّس رافق تشكّل الأمّة حتى في أيام الجاهلية.