12 سبتمبر 2025
تسجيلتعلمنا من تجربة الربيع العربي أن المخرج الوحيد للأزمات في السلطة يأتي عن طريق التوافق، وهو ما رجح كفة النموذج التونسي مقابل فشل جميع النماذج العربية الأخرى. لذلك يبرز التوافق بين الأطراف المتنازعة في ليبيا ليصبح الخيار الأمثل من أجل الوصول إلى تسوية سياسية تحتوي الجميع. إن الفشل في التوصل إلى خيارات مقبولة ولو في حدها الأدنى، سيفتح المجال أمام تنامي الاقتتال في ليبيا وتمكين المتشددين والمدعومين من الخارج، لتخريب ما بقي من البلاد وتقسيمها إلى دويلات بين أمراء الحروب، لذا فإن الآمال تعقد على اتخاذ قرارات سريعة وتسويات حاسمة، لتنهي الفوضى المستمرة التي تهدد النسيج الوطني منذ الإطاحة بالنظام الاستبدادي بعد 40 سنة من الفراغ السياسي وغياب المؤسسات، والاتفاق على ترتيبات أمنية تمهد الطريق إلى وقف دائم لإطلاق النار، واستعادة عملية الانتقال الديمقراطي، كما أنها تفوت الفرصة على الجماعات الإرهابية التي تسعى جاهدة إلى إفشال أي توافق محتمل حول حل سلمي للأزمة من أجل تكريس نفوذها في ليبيا، وتقوية فرص تهديدهم للمنطقة وأوروبا والعالم برمته. فعندما تغيب الدولة ووظائفها تزدهر الحركات الجهادية والجريمة العابرة للحدود.يجب علينا اليوم في الخليج والعالم العربي بالتحديد بمساندة الأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية المعنية والدول الكبرى المطالبة بمواصلة دعم الحوار الليبي ورفض اللجوء إلى العنف لتسوية خلافات سياسية، والرفض التام للتصعيد العسكري بكافة أشكاله، لإحراز تقدم ملموس يعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا من خلال استكمال عملية وضع مسودة الدستور وتشكيل حكومة وحدة وطنية تراقبها هيئة تشريعية توافقية وإنهاء الانقسام المؤسسي في البلاد. إن التوافق السلمي اليوم بين الليبيين ممكن وهي فرصة تاريخية يجب ألا تفوت، فلقد عانت طرابلس كثيرا ودفعت أثمانا باهظة بسبب التدخل الأجنبي والخارجي، عربيا كان أو غربيا.