30 أكتوبر 2025
تسجيلالنجاح حقيقة لابد أنْ تُدركمنذ عام مضى كنا قد خضنا فيه تجربة مسرحية فريدة من نوعها (في ذاك الحين) نهضت على أكتاف عزم لا حدود له، ووسط بيئة فاح منها عبير التنافس، شهدنا العديد من الإنجازات المسرحية التي انصبت جميعها في قالب عرفناه بـ (مهرجان الدوحة المسرحي الثاني لعام 2013)، وهي التي لم تكن قد بدأت مع انطلاقة ذاك المهرجان، ولكنها تلك التي جاءت مُتابعة لكل ما قد كان من قبلها من جهود بدأت منذ عقود وشهدت على خطوات كل من جد واجتهد؛ كي يصل إلى تلك المنزلة التي بلغها يوم إعلان النتائج، وإعطاء صاحب كل حق حقه وكما يستحق، فكان وأن تم تتويج الفائز بما واكب حجم ما قد تقدم به من جهود يُضرب بها المثل، وبحكم عملي حينها كصحفية القسم المعنية بتغطية الحدث من الألف إلى الياء، فلقد شهدت كل التفاصيل التي لم يدركها سوى من تمكن من التواجد خلف الكواليس حيث الحقيقة كاملة ودون أن يُخفيها أي شيء، ولعلها اللحظة المناسبة لإماطة اللثام عنها تلك الحقيقة، فإليكم ما يجدر بكم معرفته كما هو، وليس كما ظهر لكم حينها أي كجزء لا يُعبر عن كل الحكاية.يدرك كل من يدرك طبيعة ما يقدمه عمود (كلمات صالحة للنشر) أني ومن خلاله لا أحرص إلا على تقديم ما يمكن بأن يعود على كل متابع له بأفضل فائدة ممكنة، وعادة لا يُنشر فيه إلا ما يمكن بأن يبث الأمل في حياتكم، والأمل الذي أتحدث عنه هو كل خير يطل علينا من بعد رحلة عصيبة تشهد مواجهات حقيقية والكثير من العقبات، التي لا يجدر بنا التسليم لها وبكل سهولة، بل يجدر بنا مقاومتها حتى نتغلب عليها مهما قست علينا الظروف ووقفت إلى جانبها تلك العقبات التي ستخجل وفي نهاية المطاف، وستنحني أمام صبرنا الذي بذلناه؛ كي نتقدم، وعزمنا الذي دعمنا؛ كي نفوز وبجدارة، وبما أن الأمور تسير نحو ذاك الاتجاه الذي يتحدث عن الصبر والعزم ومواصلة السير نحو المُراد، فيسرني بأن أسرد لكم حكاية محاولة جميلة طلت من العام الأول لمهرجان الدوحة المسرحي عام 2012، والذي بدأ بـ 4 عروض دخلت مسابقة المهرجان، وأخرى لم يُكتب لها ذلك، ولكنها تمكنت من ترك بصمة جلية على صفحة المسرح وإن كانت على هامش المهرجان، ويسرني بأن أسلط الضوء على تجربة واحدة فقط، لعظم شخصية صاحبها الذي أصر على دخول المسابقة، وإثبات وجوده بين (عظماء المسرح)، فما كان منه إلا وأن اجتهد في العام التالي، حتى شارك ضمن مسابقة المهرجان وبهمة عالية ليس لها مثيل، ولكنها لم تُقدم له وفي المقابل ما كان يحلم به، وهو ما لم يؤثر عليه حينها، فلقد ركز على ضرورة إعطاء كل لحظة حقها، ففرح بالانتصار الذي حققه، ودرس كل الأخطاء التي ارتكبها؛ كي يتجنبها فلا يقع فيها مرة أخرى، ثم ركز على نقطة (الإبداع)، الذي يُميز كل ما نقدمه ونتقدم به في حياتنا؛ لنتميز به عن الآخرين ممن سبق لهم وأن خاضوا ذات المجال حتى تمكن من تحقيق مُراده ومن جديد، وحصد الثمرة التي وفر لها كل الشروط المُساعدة؛ كي تكون، وتطلبت منه دراسة عميقة لكل ما سبق له وأن قدمه، وكل وما سبق له وأن قُدم من خلال غيره، والحمدلله أنه وبعد رحلة مُطولة من الدراسة فلقد تمكن من اعتلاء خشبة مسرح قطر الوطني؛ ليستلم أفضل الجوائز التي لطالما حلم بها، وعاهد نفسه على الفوز بها وإن طال الزمن، والحق أن ذاك الإصرار، وتلك العزيمة، والخليط الذي مزج الأول بالثانية قد قلص المسافات الزمنية، حتى حان وقت قطف الثمار دون أن يبدو الأمر بعيداً عن حدود (الممكن)، وأقرب إلى حدود (المستحيل).إن ما حققه الفنان فهد الباكر بفوزه الأسبوع الماضي بكل تلك الجوائز التي ودون شك تعني له كما تعني لكل من يدرك قيمة الاجتهاد، يدل على أمر واحد وهو أن من يركز ويركز جيداً على ما يريد فعله فسيتمكن من تحقيق ما يريده مهما كانت العقبات التي تقف أمامه، والدليل هو ما قد كان للباكر، الذي سبق وأن كنت على ثقة تامة من إمكانية بلوغه لتلك المنزلة، وفوزه بالجائزة التي يستحقها، فما كان مني إلا وأن دعمته بمقال كتبته العام الماضي تحت عنوان (مهرجان الدوحة المسرحي ومن يستحق ماذا؟)؛ مُوضحة من خلاله حقيقة تلك الرحلة التي خاضها ذاك الحين؛ كي يحقق ما قد حققه، حتى زاحم تلك الأسماء العظيمة في سماء المسرح القطري، ثم جاء فوزه في هذا العام أيضاً؛ كي يؤكد على صحة ما قد كتبته، ويكشف لكل مُشكك (ساوره الشك من قبل حول إمكانية فوز الباكر) بأنه قد كان ظالماً له، ولم يمنحه حجمه الحقيقي، الذي أخذه هذا العام وبكل فخر، نأمل بأن يأخذه كل من يملك من الأحلام ما يملك، ويحرص على تأكيد مكانته في العالم للعالم كله.وأخيراًهي كلمة شكر لكل من يُلهمنا، يُحفزنا، ويحثنا على متابعة طريق أهدافنا التي نحلم بها ونريدها، ولكن يُحيط بنا من يمكن بأن يُشككنا بقدراتنا التي نتمتع بها، ولا يجدر بنا بأن نلتفت إليه أبداً، تماماً كما فعل الباكر حتى وصل إلى ما قد وصل إليه، وكل الأمل بأن نصل إليه أيضاً.