13 سبتمبر 2025
تسجيلهل استرخص العرب والمجتمع الدولي الدم السوري؟ الأزمة السورية المعضلة الأخلاقية الكبرى في عصرنا الراهن! لماذا ترفض بعض الدول العربية تسليم السفارات السورية؟ نستعيرها من رائد الفضاء نيل أرمسترونج، الذي توفي قبل عدة أشهر مضت، (إنها خطوة صغيرة بالنسبة لإنسان، ولكن قفزة كبيرة للإنسانية)، ولن نبالغ كثيراً، فافتتاح أول سفارة للثورة في قطر والحصول على مقعد سوريا في الجامعة العربية قد يكون نصراً معنوياً وقانونياً صغيراً، ولكنه بشارة من أن القفزة الكبيرة نحو المستقبل والتحرر من أشد الأنظمة العربية قتلاً وقمعاً وفتكاً بالإنسان بات قريباً، وباتت خطوات أقدام الحرية فوق أرض دمشق أشبه بفرحة تتجاوز الوصول إلى القمر؟! ثورة "بيضة القبان العربية" تحولت إلى القضية الرئيسية الأولى وهي تجاوزت حتى القضية العربية والإسلامية الرئيسية، القضية الفلسطينية. إنها فعلاً أم الثورات العربية مقارنة بحجم القتل والدماء والدمار، وذبح الأطفال، وقصف المدن والقرى من نظام خدع العالم لأكثر من نصف قرن من شعار الصمود والتصدي والمقاومة، ولم يحقق غير الخيانة والتآمر والمجازر في مواجهة التصدي والمقاومة للشعب السوري، الذي فقد آلاف الشهداء، ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمفقودين وملايين اللاجئين والنازحين. لماذا طالت فترة القتال في سوريا. هل استرخص العرب والمجتمع الدولي الدم السوري؟ مقارنة بالتحرك الكبير في استصدار قرار أممي لحماية المدنيين في ليبيا، هل هو الخوف المبالغ من عودة نفوذ الجماعات الإسلامية الإرهابية من قبل الأمريكيين، أم أنها اليد الطولى لإيران في المنطقة العربية، أو الأسلحة الروسية التي يستعين بها النظام لقتل مئات الآلاف من السوريين أو بسبب موقف الخليجيين والأتراك، وسياسة الحياد السلبي، والموقف الإسرائيلي تجاه الثورة السورية منذ انطلاق شرارتها وتأمين حدود آمنة، أو الفشل في استمالة الدول الغربية بمجلس الأمن أو كل ذلك مجتمعاً. الحالة السورية خاصة بكل مفرداتها، الجيش السوري بكتائبه الطائفية، المسلمة منها والمسيحية، السنية والشيعية والعلوية والكردية وبقية الطوائف، لا يزال موالياً لنظام الأسد وزبانيته، ويقدم هذا الولاء الطائفي على الولاء للوطن وعلى الولاء للشعب والأرض والحرية. لقد استطاع النظام أن ينجح خلال نصف قرن من الأدلجة والتدجين واستخدام العنف والسجن والقتل وكل الأساليب التدميرية لتحطيم الشعب السوري نفسياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، إلى أن انفجرت الثورة من رحم المعاناة دون أي إطار تنظيمي وقيادات وتنسيق وتخطيط ورؤية. ولقد نجح النظام مرة أخرى إن يستدرج الثورة السلمية إلى العنف والمواجهة المسلحة. ما مستقبل الأوضاع في سوريا مع كل هذه التحديات؟ ربما الشعار المرفوع في الشوارع السورية هو ابلغ تعبير (يا الله مالنا غيرك يا الله). أنها فعلاً المعضلة الأخلاقية الكبرى في عصرنا الراهن، المسيحيون والبابا الأرجنتيني فرنسيس في روما يترحم في عظته ويطالب بالسلام لـ"سوريا الحبيبة"، لكن في لبنان يزور البطريرك بشارة الراعي دمشق ويصلى أن يطيل الرب من عمر النظام الأسدي حامي الأقليات! والمسلمون يدعون ربهم بأن يخسف الأرض بالنظام وزبانيته، ويجوز المفتي السني محمد البوطي الذي قتل في انفجار، شرعية السجود على صور الرئيس الأسد، وكيل المرجعية الشيعية محمد المهري يراه في المنام محمياً بسيف ودرع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟! ناهيك عن مواقف العديد من الدول الديكتاتورية والمثقفين المدجنين في العالم العربي والكتاب القوميين واليساريين والعروبيين والعلمانيين والصموديين والوحدويين والقائمة طويلة ولا تكاد تحتوي الجميع! نطالب الدبلوماسية القطرية والجامعة العربية وهي التي أثبتت موقفاً تشكر عليه مع كل تحفظات على طريقة العمل وآليات، ونعرف ما تحملته من قساة الهجوم والتخوين من أزلام النظام الأسدي وحلفائه في الدول العربية والأعجمية والغربية لأي موقف داعم للشعوب العربية مقابل الأنظمة المستبدة، أن توحد الجهود كما فعلت في قمة الدوحة الأخيرة، وتكمل المسيرة في مساعدة الشعب السوري في الحصول على مزيد من الاعتراف بحقوقه المشروعة، خاصة إذا عرفنا أن بعض الدول العربية والخليجية رفضت تسليم السفارات السورية للمعارضة، لا بل ما زالت ترفض طرد سفير عصابة النظام البعثي حتى اللحظة؟! (يا الله مالنا غيرك يا الله).