12 سبتمبر 2025

تسجيل

الفنان الكامن

01 مارس 2022

لطالما آمنت بأن في داخل كل انسان فنانا صغيرا. قد يطلق الانسان العنان للفنان بداخله، فيُنميه ويلهمه ويعلمه ويربيه وينعشه ويقويه، وقد ينساه ويهمله ويهمشه ويتركه أو حتى يعمل على تدميره بشكل متعمد! تشاركني الكاتبة جوليا كاميرون رؤيتي هذه في كتابها طريق الفنان (THE ARTIST’S WAY) الذي تتناول فيه تجربتها في تعليم «إطلاق الإبداع» لمجموعة كبيرة من الطلاب على مدى السنين. وفي دورتها الإبداعية التي جمعتها في كتابها، كانت جوليا تُعلم طلابها كيفية إخراج ما فيهم من إبداع إلى الملأ. فالإبداع موجود في داخل كل انسان، وعليه فقط أن يخرجه إلى العالم. الانسان الراغب في نشر رواية، هو كاتب في الأصل، ولكنه لم يبدأ في كتابة روايته حتى الآن! الانسان الذي يحلم بإخراج فيلم قصير، هو مخرج في الأساس، ولكنه قد يكون لم يتعلم حتى الآن أساسيات الإخراج، أو أنه يخاف أن يصنع فيلما ويفشل!تذكر جوليا في كتابها بعض الطرق التي يستطيع كل انسان استخدامها في إخراج الفنان من داخله. ومن هذه الطرق، صفحات الصباح. وهي ثلاث صفحات-على الأقل-يجب على كل انسان كتابتها في بداية يومه. وفيها يكتب المرء كل ما يخطر على باله حتى يفرغ كل ما في عقله، ويتركه جاهزاً لتوالد الأفكار الفنانة والطاقة الإبداعية. ومن هذه الطرق أيضاً، «مواعيد الفنان». وتقصد جوليا بها، الساعة أو الساعات التي يجب على كل فنان أن يخبئها لنفسه في كل أسبوع. فيذهب مع نفسه إلى السينما، أو يخرج لشرب القهوة أو للمشي في الحديقة أو لسماع الأغاني في السيارة. ويجب أن يكون هذا الموعد محددا في كل أسبوع. وفيه يقضي الفنان بعض الوقت مع نفسه فتتجدد روحه وينتعش فنه. وتُضيف جوليا بأنه على كل فنان أن يجد جماعته ويجلس معهم لمشاركة الأفكار وللإفادة والاستفادة. فيمكن للرسامين مشاركة بعضهم البعض المعلومات حول أنواع الألوان التي يمكن شراؤها، ويكون للبستانيين التباحث حول أفضل طرق الري وأماكن المشاتل في كل مدينة.قصة كل فنان تبدأ مع نفسه، مع كفاحه وإصراره وتحدي نفسه حتى يقوم بالعمل الذي يجعله ينتقل من الحياة مع الفنان المحصور بداخله إلى الفنان القائم بخارجه. ولا أحد يريد أن يحيا حياة ليست له. ولهذا انتقل باسم يوسف من الجراحة إلى الكوميديا، ولهذا هام الطبيب مصطفى محمود بالفلسفة وتثقيف الناس حول الدين والحياة. جميعهم وجدوا الإبداع بداخلهم وشاركوا به العالم. وهذه وظيفة الفنان الأولى والأخيرة.