11 سبتمبر 2025

تسجيل

لا بأس إن أردت قطعة من تلك الكعكة

01 مارس 2016

كل كعكة تُصنع وبشكلٍ جيد يترجم مهارة صانعها تبدو لافتة من النظرة الأولى، ومغرية لكل من يراها؛ لذا فإن مقاومتها تبدو فكرة صعبة جداً، ومحاولة صدها والالتفات لأشياء أخرى هي خطوة سيُحكم عليها بالفشل مع كل من قد عبث الجوع به، باستثناء من قد تعلق قلبه بتحقيق الأهداف السامية التي تسمو معها الحياة وذلك؛ لأنه يدرك أن الفائدة معها تلك الأهداف (لا) تلك الكعكة، التي وإن بدت مغرية لغيره إلا أنها لن تكون كذلك بالنسبة له، خاصة أن همه الوحيد هو تحقيق هدفه، الذي يشغل تفكيره ولا رغبة له بالانشغال بأي شيء سواه، بخلاف البقية التي تفكر بتلك الكعكة فحسب، ويبقى السؤال: ما هي تلك الكعكة التي أتحدث عنها؟ إن ما أتحدث عنه وأرمي إليه هو (حب المصالح)، فالكعكة في مقالي هذا ترمز لـ (حب المصالح)، التي لن تبدو فكرة الانشغال بها والانغماس فيها سيئة، ولن يكون فيها ما يعيب إلا إن قرر صاحبها تناولها وحده؛ مستنداً في ذلك إلى مبدأ (نفسي أولاً)، أي أن من يملك حق امتلاك تلك الكعكة هي نفسه، التي ومتى شبعت كان للبقية حق تناول ما تبقى منها، ويُعرف بـ Leftover، وهو ما قد يجتمع من حوله من تحكمه الحاجة وتتحكم به، فيحاول وبكل قوته أن يفوز بالمرتبة الثانية، ليُخصص ما سيتبقى (من المُتبقي) لغيره، وهكذا حتى تدور الدائرة من حول الجميع، وتتكرر ذات الواقعة إلى أجل (مسمى)، أي حتى يمل الحال من حاله، ويصرخ من شدة ألمه على ذاك الواقع الذي يعاصره، ثم يقرر البحث عن عقول تقف وتتصدى لكل ما يحدث، إذ ليس من الطبيعي أن يستمر الحال على ما هو عليه حتى تكتسح الساحة تلك النفوس التي لا تفكر إلا بمصالحها الشخصية، فتفرض ما تفرض فقط؛ كي تكسب ما تريده كما تريد، في حين يعاني البقية من ذاك التسلط، وتلك العيشة التي ستتحول مع مرور الوقت لغابة يكون البقاء فيها للأقوى (وللأسف الشديد)، وعلى المرء أن يختار فإما أن يصبح: قوياً لا يفكر إلا بضرورة الفوز بتلك الكعكة وحده، وإما: ضعيفاً وإلى حد (ما)، يعيش بما يتبقى له فحسب، دون أن يحلم بالحصول على ما هو أكثر من ذلك، والحق أن تفشي تلك القناعة -وإن كان أمراً مستحيلاً في فترة من الفترات- إلا أنه قد وجد من يناصره ويقتنع به؛ ليروج له أيضاً، حتى صار الأمر جلياً في العديد من المواقف التي صارت تقف مكتوفة الأيدي، وعاجزة عن التدخل وبأي شكلٍ من الأشكال، ليصبح الوضع فوضوياً يحتاج لمن يضبط موجته كما يجب؛ كي تعود الأمور إلى صوابها، وتكون الحياة على خير ما يرام، دون مشاكل سيخلقها كل من يفكر بتناول كامل الكعكة وحده دون أن يلتفت إلى سواه ممن يستحق الفوز بقطعة منها، ولكنه لن يُطالب بها حتى يقرر من سبقه منحه إياها، وهيهات إن فعل ذاك الأول من تلقاء نفسه؛ لأنه وإن كان يتمتع بشيء من الكرم لكان فعل ذلك منذ البداية، التي سيدرك فيها معنى أن يعيش ويسمح لسواه بأن يعيش أيضاً مع ذات القدر من الكرامة، وهو ما لا يعني أن يمنح سواه كل شيء؛ ليحرم نفسه ما يستحقه، ولكن أن يدرك ما يجدر به فعله من خلال الحقيقة التالية ألا وهي: لا يوجد ما يعيب التفكير بالكعكة وبكيفية الحصول عليها، ولكن حين يتجاوز الأمر حده؛ ليصبح هوساً يفرض علينا ضرورة تَمَلك كل شيء دون أن نسمح للآخرين أن يأخذوا حصتهم فلاشك أن في الأمر ما يعيب ويستحق منا إيقافه عند حده، وهو ما يقوم به البعض ويفكر به البعض الآخر، وصارت الحياة بفضل تلك الجهود أفضل (وإلى حد ما)، مما يعني أن سلك ذاك المسار قد بات واجباً لا يجدر بنا التهرب منه أبداً، بل وعلى العكس تماماً إذ لا بد لنا أن نشجع كل من يقوم به، ونكافئه على فعلته تلك؛ كي يتابع ما قد بدأ به وبكل حب، متى تمكن من بثه فلا شك أن ما نعاني منه من مشاكل ستهون وستذوب بإذن الله تعالى؛ لتصبح الحياة ومن بعد أفضل بكثير.